للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السدّيّ وغيره. وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس، في هذه الآية: «إذا أرسلت جارحك فقل: بسم الله. وإن نسيت فلا حرج» . انتهى.

قال بعض الزيدية: والتسمية هنا كالتسمية على الذبيحة. فمن قائل بوجوبها على الذاكر لا الناسي.

لحديث «١» : «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان»

. ومن قائل بأنها مستحبة. ومن قائل بأنها شرط مطلقا. المشهور عن أحمد التفرقة بين الصيد والذبيحة. فذهب في الذبيحة إلى هذا القول الثالث. ثم قال: لقائل أن يقول:

يحتمل أن يرجع قوله تعالى: وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ إلى الأكل. أي: فسموا عند الأكل. فدلالة الآية محتملة في وجوب التسمية. انتهى. وهذا الاحتمال حكاه ابن كثير ونصّه:

وقال بعض الناس: المراد بهذه الآية الأمر بالتسمية عند الأكل. كما

ثبت في (الصحيحين) «٢»

«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علّم ربيبه، عمر بن أبي سلمة، فقال: سمّ الله وكل بيمينك وكل مما يليك» .

وفي (صحيح البخاري) «٣» عن عائشة أنهم قالوا:

«يا رسول الله! إن قوما يأتوننا، حديث عهد بكفر، بلحمان، لا ندري أذكر اسم الله عليها أم لا؟ فقال: سموا الله أنتم وكلوا أنتم»

. وقال الترمذي: حسن صحيح.

الخامس: في الآية جواز تعليم الحيوان وضربه للمصلحة. لأن التعليم قد يحتاج إلى ذلك. كذا في (الإكليل) . وتقدم عن الزمخشريّ والناصر ما في الآية أيضا من الأخذ عن النحرير، وأن البهائم لها علم. واستدلّ بالآية على إباحة اتخاذ الكلب للصيد وللحراسة، بالسنة: كما تقدم.


(١)
أخرجه ابن ماجة في: الطلاق، ١٦- باب طلاق المكره والناسي، حديث ٢٠٤٣ ونصه: عن أبي ذر الغفاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه»
. (٢)
أخرجه البخاري في: الأطعمة، باب التسمية على الطعام والأكل باليمين، حديث ٢١٧٣ ونصه:
عن عمر بن أبي سلمة قال: كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم «يا غلام! سمّ الله وكل بيمينك وكل مما يليك» . فما زالت تلك طعمتي بعد.
(٣)
أخرجه البخاري في: الذبائح والصيد، ٢١- باب ذبيحة الأعراب ونحوهم. حديث ١٠٣٨ ونصه:
عن عائشة رضي الله عنها، أن قوما قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن قوما يأتونا باللحم، لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا؟ فقال «سموا عليه أنتم وكلوه» .
قالت: وكانوا حديثي عهد بكفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>