وهي حائض فردها عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولم يرها شيئا وقال: إذا طهرت فليطلق أو ليمسك. وقال ابن عمر رضي الله عنه قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ
، في قبل عدتهن، فتضمن هذا الحكم أن الطلاق على أربع أوجه: وجهان حلالان ووجهان حرامان. فالحلال: أن يطلق امرأته طاهرا من جماع. أو يطلقها حاملا مستبينا حملها. والحرام: أن يطلقها وهي حائض. أو يطلقها في طهر جامعها فيه. هذا في طلاق المدخول بها. وأما من لم يدخل بها فيجوز طلاقها حائضا وطاهرا.
ثم إن الخلاف في وقوع الطلاق المحرم لم يزل ثابتا بين السلف والخلف. وقد وهم من ادعى الإجماع على وقوعه وقال بمبلغ علمه وخفي عليه من الخلاف ما اطلع عليه غيره. وقد قال الإمام أحمد: من ادعى الإجماع فهو كاذب. وما يدريه لعلّ الناس اختلفوا؟ كيف والخلاف بين الناس في هذه المسألة معلوم الثبوت عن المتقدمين والمتأخرين..؟.
وقال محمد بن عبد السلام الخشنيّ: ثنا محمد بشار. ثنا عبد الوهاب بن عبد الحميد الثقفيّ. ثنا عبيد الله بن عمر عن نافع مولى ابن عمر عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال، في رجل يطلق امرأته وهي حائض، قال ابن عمر: لا يعتد بذلك.
ذكره أبو محمد بن حزم في (المحلّى) بإسناده إليه.
وقال عبد الرزاق في (مصنفه) عن ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه: أنّه كان لا يرى طلاق ما خالف وجه الطلاق ووجه العدّة. وكان يقول: وجه الطلاق أن يطلقها طاهرا من غير جماع أو إذا استبان حملها.
قال أبو محمد بن حزم: العجب من جراءة من ادعى الإجماع على خلاف هذا وهو لا يجد فيما يوافق قوله- في إمضاء الطلاق في الحيض أو في الطهر الذي جامعها فيه- كلمة عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم، غير رواية عن ابن عمر.
وقد عارضها ما هو أحسن منها عن ابن عمر.
وقال أبو محمد: بل نحن أسعد بدعوى الإجماع هاهنا لو استجزنا ما يستجيزون- ونعوذ بالله من ذلك- وذلك أنه لا خلاف بين أحد من أهل العلم قاطبة ومن جملتهم جميع المخالفين لنا في ذلك، أنّ الطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه بدعة. فإذا لا شك في هذا عندهم، فكيف يستجيزون الحكم بتجويز البدعة التي يقرّون أنها بدعة وضلالة؟ أليس، بحكم المشاهدة، مجيز البدعة مخالفا