للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حلال فأحلوه. وما وجدتم فيه من حرام فحرموه. ألا لا يحل لكم (لحم) الحمار الأهليّ ولا كل ذي ناب من السبع ولا لقطة معاهد ألا أن يستغني عنها صاحبها. ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه. فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه

. (أي يأخذ منهم عوضا عما حرموه من القرى) .

هذا الزمخشري فسر محرما ب (طعاما محرما من المطاعم التي حرمتموها) وجعل الاستثناء منقطعا. أي لا أجد ما حرمتوه لكن أجد الأربعة محرّمة. وهذا لا دلالة فيه على الحصر حتى ترد المحرمات الأخر. إذ الاستثناء المنقطع ليس كالمتصل في الحصر. وغير الزمخشري لم يقيّده بما ذكر. لأن الأصل الاتصال وعدم التقييد وأوّلوها بما قدمنا قبل. وحينئذ يكون الاستثناء من أعم الأوقات أو أعم الأحوال مفرغا. بمعنى: لا أجد شيئا من المطاعم المحرمات في وقت من الأوقات، أو حال من الأحوال، إلا في وقت أو حال كون الطعام أحد الأربعة. فإني أجد حينئذ محرما. فالمصدر للزمان أو الهيئة. وفيه أن المصدر المؤول من (أن والفعل) لا ينصب على الظرفية. ولا يقع حالا، لأنه معرفة. والله أعلم.

الثاني- في قوله تعالى قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً إيذان بأن التحريم إنما يعلم بالوحي لا بالهوى. قال الشهاب: كني بعدم الوجدان عن عدم الوجود.

ومبنى هذه الكناية على أن طريق التحريم التنصيص منه تعالى. وتفسيره بمطلق الوحي استظهروه. ولذا قال: أوحي ولم يقل: أنزل.

الثالث- قال السيوطيّ في (الإكليل) : استدل النبيّ صلى الله عليه وسلم بقوله عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ على أنه إنما حرم من الميتة أكلها. وأن جلدها يطهر بالدبغ.

فأخرج أحمد «١» وغيره عن ابن عباس قال: ماتت شاة لسودة بنت زمعة فقالت: يا رسول الله! ماتت فلانة (يعني الشاة) فقال: فلولا أخذتم مسكها؟ فقالت: نأخذ مسك شاة قد ماتت؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما قال الله عز وجل: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ. فإنكم لا تطعمونه. إن تدبغوه تنتفعوا به. فأرسلت إليها فسلخت مسكها فدبغته، فاتخذت منه قربة، حتى تخرّقت عندها.

الرابع- استدل بقوله تعالى مَسْفُوحاً على إباحة غيره. وذلك لأن الدم


(١) أخرجه في المسند ١/ ٣٢٧، والحديث رقم ٣٠٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>