للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدل على تحريم شيء من الحيوانات. وإن كان هذا العموم هو بالنسبة إلى كل شيء حرمه الله من حيوان وغيره، فإنه يضم إليه كل ما ورد بعده مما فيه تحريم شيء من الأشياء. وقد روي عن ابن عباس وابن عمر وعائشة أنه لا حرام إلا ما ذكره الله في هذه الآية وروي ذلك عن مالك. وهو قول ساقط ومذهب في غاية الضعف لاستلزامه لإهمال غيرها، مما نزل بعدها من القرآن، وإهمال ما صح عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال بعد نزول هذه الآية. بلا سبب يقتضي ذلك ولا موجب يوجبه. وقول جابر (لكن أبي ذلك البحر ابن عباس) في رواية البخاريّ المتقدمة، أقول: وإن أبى ذلك البحر، فقد صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. والتمسك بقول صحابيّ في مقابلة قول النبيّ صلى الله عليه وسلم من سوء الاختيار وعدم الإنصاف. انتهى كلام الفتح.

وفي (نيل الأوطار) : الاستدلال بهذه الآية إنما يتمّ في الأشياء التي لم يرد النصّ بتحريمها. وأمّا الحمر الإنسية فقد تواترت النصوص على ذلك. والتنصيص على التحريم مقدم على عموم التحليل، وعلى القياس. وأيضا الآية مكية. انتهى.

وقد ثبت عن ابن عمر رجوعه عن التعلق بعمومها.

روى سعيد بن منصور والإمام أحمد «١» وأبو داود عن نميلة الفزاري قال: كنت عند ابن عمر، وإنه سئل عن أكل القنفذ فقرأ عليه: قُلْ لا أَجِدُ.. الآية.

فقال شيخ عنده: سمعت أبا هريرة يقول: ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: خبيث من الخبائث. فقال ابن عمر: إن كان النبيّ صلى الله عليه وسلم قاله فهو كما قال.

أي والخبائث محرّمة بنص القرآن، فهو مخصص لعموم هذه الآية.

وعن المقدام بن معدي كرب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني وهو متكئ على أريكته فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله. فما وجدنا فيه حلالا استحللناه. وما وجدنا فيه حراما حرمناه. وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم الله تعالى. أخرجه الترمذي «٢»

وقال: حديث حسن غريب.

ولأبي داود «٣» قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه. لا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من


(١) أخرجه في المسند ٢/ ٣٨١.
(٢) أخرجه الترمذي في: العلم، ١٠- باب ما نهى عنه أن يقال عند حديث النبيّ صلى الله عليه وسلم.
(٣) أخرجه أبو داود في: السنّة، ٥- باب في لزوم السنّة، حديث ٤٦٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>