للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي (الصحيحين) «١» من حديث عبد الرحمن بن سمرة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرا منها، فكفّر عن يمينك وأت الذي هو خير.

وعند أبي داود: فكفّر عن يمينك ثم أت الذي هو خير.

الثامن قال السيوطيّ في (الإكليل) : في قوله تعالى وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ استحباب ترك الحنث إلّا إذا كان خيرا، أي: لما تقدم من حديث ابن سمرة. وهذا على أحد وجهين في الآية. والآخر النهي عن الإكثار من الحلف كما سبق. قال كثير:

قليل الألايا حافظ ليمينه ... وإن سبقت منه الأليّة برّت!

التاسع: حكمة تقديم الإطعام على العتق- مع أنه أفضل- من وجوه:

(أحدها) : التنبيه من أول الأمر على أنّ هذه الكفارة وجبت على التخيير لا على الترتيب. وإلّا لبدئ بالأغلظ (ثانيها) : كون الطعام أسهل لأنه أعمّ وجودا، والمقصود منه التنبيه على أنه تعالى يراعي التخفيف والتسهيل في التكاليف و (ثالثها) : كون الإطعام أفضل، لأن الحرّ الفقير قد لا يجد الطعام، ولا يكون هناك من يعطيه الطعان، فيقع في الضرّ. أما العبد فإنه يجب على مولاه إطعامه وكسوته، أفاده الرازيّ.

العاشر: سرّ إطعام العشرة، أنه بمنزلة الإمساك عن الطعام عشرة أيام العدد الكامل، الكاسرة للنفس المجترئة على الله تعالى. وسرّ الكسوة كونه يجزي بستر العورة سرّ المعصية. وسرّ التحرير فكّ رقبة عن الإثم. وسرّ صوم الثلاثة، أنّ الصيام لما كان ضيرا بنفسه اكتفى فيه بأقلّ الجمع. أفاده المهايميّ، قدس سره.

الحادي عشر: قال شمس الدين بن القيّم في (زاد المعاد) :

«كان صلى الله عليه وسلم يستثني في يمينه تارة، ويكفرّها تارة، ويمضي فيها تارة. والاستثناء


(١)
أخرجه البخاريّ في: الأيمان والنذور، ١- باب قوله تعالى: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ، حديث رقم ٢٤٨٨ وهاكموه بتمامه: عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم «يا عبد الرحمن بن سمرة! لا تسأل الإمارة فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أوتيتها من غير مسألة أعنت عليها. وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها، فكفّر عن يمينك وأت الذي هو خير.
وأخرجه مسلم في: الأيمان، حديث ١٦
.

<<  <  ج: ص:  >  >>