للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعيّ، رواه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم. فقال: لعله سمعه من ذلك المدنيّ. فإنه كان حسن الظن به. يعني إبراهيم بن أبي يحيى. وتعقبه ابن الرفعة: بأن من عرف حجة على من لم يعرف. وروى البيهقيّ من طريق ابن لهيعة عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: من السنة أن تنجّم الدية في ثلاث سنين. وقد وافق الشافعيّ، على نقل الإجماع، الترمذيّ في (جامعه) وابن المنذر. فحكى كل واحد منهما الإجماع.

كذا في (نيل الأوطار) . وقوله تعالى: إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا أي: إلا أن يتصدق أولياء المقتول بالدية على القاتل فلا تجب عليه. وسمي العفو عنها صدقة حثّا عليه وتنبيها على فضله. قال السيوطيّ في (الإكليل) : فيها (أي: هذه الآية) تعظيم قتل المؤمن والإثم فيه، ونفيه عن الخطأ، وأن في قتل الخطأ كفارة ودية. لا قصاص. وأن الدية مسلمة إلى أهل المقتول. إلا أن يصدقوا بها، أي: يبرءوا منها. ففيه جواز الإبراء من أهل الدية. مع أنها مجهولة. وفي قوله (مسلمة) دون (يسلمها) إشارة إلى أنها على عاقلة القاتل. ذكره سعيد بن جبير. أخرجه ابن أبي حاتم واستدل بقوله: إِلى أَهْلِهِ، على أن الزوجة ترث منها. لأنها من جملة الأهل خلافا للظاهرية. واحتج بها من أجاز إرث القاتل منها. لأنه من أهله. واحتج الظاهرية بقوله: إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا.

على أن المقتول ليس له العفو عن الدية. لأن الله جعل ذلك لأهله خاصة. وعموم الآية شامل للإمام إذا قتل خطأ. خلافا لمن قال: لا شيء عليه ولا على عاقلته.

واستدل بعمومها أيضا من قال: إن في قتل العبد الدية والكفارة. وإن على الصبيّ والمجنون، إذا قتلا، الكفارة. وإن المشارك في القتل عليه كفارة كاملة. انتهى.

فَإِنْ كانَ أي: المقتول خطأ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ أي: محاربين وَهُوَ مُؤْمِنٌ فلم يعلم به القاتل لكونه بين أظهر قومه، بأن أسلم فيما بينهم ولم يفارقهم، أو بأن أتاهم بعد ما فارقهم لمهمّ من المهمات فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ أي: فعلى قاتله الكفارة، لحق الله دون الدية. فإنها ساقطة. إذ لا إرث بينه وبين أهله. لأنهم محاربون. وقال الإمام زيد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام: لا تؤدى الدية إليهم لأنهم يتقوّون بها. ومعلوم أن سقوط الدية لمن هذه حاله أخذا من إيجاب الله تعالى على قاتله الكفارة، ولم يذكر الدية كما ذكرها في أول الآية وآخرها، وقد روى الحاكم وغيره عن ابن عباس في هذه الآية قال: كان الرجل يأتي النبيّ صلى الله عليه وسلم ثم يرجع إلى قومه وهم مشركون: فيصيبه المسلمون في سرية أو غزاة. فيعتق الذي يصيبه رقبة وَإِنْ كانَ أي: المقتول خطأ مِنْ قَوْمٍ أي: كفرة بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أي: عهد من هدنة أو أمان. أي: كان على دينهم ومذهبهم فَدِيَةٌ أي: فعلى قاتله دية مُسَلَّمَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>