للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي ثلث المال مما ترك. والباقي للأب. للذكر مثل حظ الأنثيين. لكن قرر لها الثلث تنزيلا لها منزلة البنت مع الابن، لا منفردة، حطّا لها عن درجتها، لقيام البنت مقام الميت في الجملة. قاله المهايميّ فَإِنْ كانَ لَهُ أي للميت إِخْوَةٌ من الأب والأم. أو من الأب أو من الأم، ذكورا أو إناثا فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ يعني لأم الميت سدس التركة مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ خبر مبتدأ محذوف. أي هذه الفروض المذكورة إنما تقسم للورثة من بعد إنفاذ وصية يوصي بها الميت إلى الثلث. ومن بعد قضاء دين على الميت. وقرئ في (السبع) : يوصي مبنيا للمفعول وللفاعل.

قال الحافظ ابن كثير: أجمع العلماء من السلف والخلف على أن الدّين مقدم على الوصية.

وروى أحمد والترمذي «١» وابن ماجة وأصحاب التفاسير من حديث ابن إسحاق عن الحارث بن عبد الله الأعور عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إنكم تقرؤون هذه الآية: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ. وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية. وإن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات. الرجل يرث أخاه لأبيه وأمه دون أخيه لأبيه.

ثم قال الترمذيّ: لا نعرفه إلا من حديث الحارث. وقد تكلم فيه بعض أهل العلم. لكن كان حافظا للفرائض، معتنيا بها وبالحساب. فالله أعلم.

قال السيوطيّ في (الإكليل) : في الآية أن الميراث إنما يقسم بعد قضاء الدين وتنفيذ الوصايا. وفيها مشروعية الوصية. واستدل بتقديمها في الذّكر من قال بتقديمها على الدين في التركة. وأجاب من أخرها بأنها قدمت لئلا يتهاون بها.

واستدل بعمومها من أجاز الوصية بما قل أو كثر، ولو استغرق المال. ومن أجازها للوارث والكافر، حربيّا أو ذميّا. واستدل بها من قال: إن الدّين يمنع انتقال التركة إلى ملك الوارث. ومن قال إن دين الحج والزكاة مقدم على الميراث، لعموم قوله: أَوْ دَيْنٍ. انتهى.

وقد روى الإمام أحمد وابن ماجة «٢» بسند صحيح عن سعد بن الأطول إن أخاه مات وترك ثلاثمائة درهم. وترك عيالا فأردت أن أنفقها على عياله. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم:

إن أخاك محتبس بدينه فاقض عنه. فقال: يا رسول الله! قد أديت عنه. إلّا دينارين ادعتهما امرأة وليس لها بينة. قال: فأعطها فإنها محقة.


(١) أخرجه الترمذيّ في: الفرائض، ٥- باب ما جاء في ميراث الإخوة من الأب والأم. [.....]
(٢) أخرجه ابن ماجة في: الصدقات، ٢٠- باب أداء الدين عن الميت، حديث ٢٤٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>