للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢٥٧] وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مبينة عن الله عز وجل معنى ما أراد- دليلا على خاصه وعامه. ثم قرن الحكمة بها بكتابه، فأتبعها إياه. ولم يجعل هذا لأحد من خلقه، غير رسوله صلى الله عليه وسلم. انتهى.

وإنما أوردنا هذا تزييفا لزعم الخوارج أن

حديث (لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها) «١»

المرويّ في الصحيحين وغيرهما، خبر واحد. وتخصيص عموم القرآن بخبر الواحد لا يجوز. كما نقله عنهم الرازيّ. وأورد من حججهم أن عموم الكتاب مقطوع المتن ظاهر الدلالة. وخبر الواحد مظنون المتن ظاهر الدلالة. فكان خبر الواحد أضعف من عموم القرآن. فترجيحه عليه بمقتضى تقديم الأضعف على الأقوى. وأنه لا يجوز. انتهى.

وقد توسع الرازيّ هنا في الجواب عن شبهتهم. ومما قيل فيه: إن تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها مأخوذ من قوله تعالى: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ.

قال العلامة أبو السعود: ويشترك في هذا الحكم الجمع بين المرأة وعمتها ونظائرها. فإن مدار حرمة الجمع بين الأختين إفضاؤه إلى قطع ما أمر الله بوصله.

وذلك متحقق في الجمع بين هؤلاء. بل أولى. فإن العمة والخالة بمنزلة الأم.

فقوله صلى الله عليه وسلم: لا تنكح المرأة.

إلخ، من قبيل بيان التفسير. لا بيان التغيير. وقيل: هو مشهور يجوز به الزيادة على الكتاب. وقال أيضا: ولعل إيثار اسم الإشارة (يعني في قوله:

ما وَراءَ ذلِكُمْ) المتعرض لوصف المشار إليه وعنوانه، على الضمير المتعرض للذات فقط- لتذكير ما في كل واحدة منهن من العنوان الذي عليه يدور حكم الحرمة. فيفهم مشاركة من في معناهن لهن فيها بطريق الدلالة. فإن حرمة الجمع بين المرأة وعمتها، وبينها وبين خالتها، ليست بطريق العبارة، بل بطريق الدلالة، كما سلف. انتهى.

وفي (تنوير الاقتباس) : ويقال في قوله تعالى: أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ أن تطلبوا بأموالكم تزوجهن وهي المتعة. وقد نسخت الآن. انتهى. وسيأتي الكلام على ذلك.


(١)
أخرجه البخاريّ في: النكاح، ٢٧- باب لا تنكح المرأة على عمتها، حديث ٢١١٢ ونصه: عن جابر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها
.

<<  <  ج: ص:  >  >>