للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حلف في الإسلام وأيّما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة.

وروى الإمام أحمد «١» عن قيس بن عاصم أنه سأل النبيّ صلى الله عليه وسلم عن الحلف؟ قال فقال: ما كان من حلف في الجاهلية فتمسكوا به. ولا حلف في الإسلام. ورواه أيضا «٢» عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح، قام خطيبا في الناس، فقال: يا أيها الناس! ما كان من حلف في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة. ولا حلف في الإسلام.

قال ابن الأثير: الحلف في الأصل المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق. فما كان منه في الجاهلية على الفتن والقتال والغارات فذلك الذي ورد النهي عنه في الإسلام

بقوله صلى الله عليه وسلم: لا حلف في الإسلام.

وما كان منه في الجاهلية على نصر المظلوم وصلة الأرحام كحلف المطيّبين وما جرى مجراه، فذلك الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة. يريد من المعاقدة على الخير ونصرة الحق. وبذلك يجتمع الحديثان. وهذا هو الحلف الذي يقتضيه الإسلام. والممنوع منه ما خالف حكم الإسلام. انتهى.

قال الحافظ ابن كثير: كان هذا، أي التوارث بالحلف، في ابتداء الإسلام. ثم نسخ بعد ذلك وأمروا أن يوفوا لمن عاقدوا ولا ينشئوا بعد هذه الآية معاقدة.

روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ فكان الرجل قبل الإسلام يعاقد الرجل ويقول: وترثني وأرثك. كان الأحياء يتحالفون

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل حلف في الجاهلية أو عقد أدركه الإسلام، فلا يزيده إلا شدة

. ولا عقد ولا حلف في الإسلام. فنسختها هذه الآية:

وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ [الأنفال: ٧٥] .

وروى أبو داود «٣» عن ابن عباس في هذه الآية: كان الرجل يحالف الرجل وليس


قال الزهري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لم يصب الإسلام حلفا إلا زاده شدة، ولا حلف في الإسلام» وقد ألّف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار.
وأخرجه مسلم في: فضائل الصحابة، حديث ٢٠٦.
(١) أخرجه في المسند ٥/ ٦١.
(٢)
حديث رقم ٦٩١٧ ونصه: «كل حلف في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة، ولا حلف في الإسلام» .
(٣) أخرجه في: الفرائض، ١٦- باب نسخ ميراث العقد بميراث الرحم، حديث ٢٩٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>