للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على معنى ارقبنا وانظرنا نكلمك. وللشر بحملها على شبه كلمة عبرانية كانوا يتسابّون بها. أو على السب بالرعونة أي الحمق. وبالجملة فكانوا، سخرية بالدين وهزؤا برسول الله صلى الله عليه وسلم، يكلمونه بكلام محتمل ينوون به الشتيمة والإهانة ويظهرون به التوقير والإكرام لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ أي فتلا بها وصرفا للكلام من وجه إلى وجه وتحريفا. أي يفتلون بألسنتهم الحق إلى الباطل حيث يضعون راعِنا موضع انْظُرْنا وغَيْرَ مُسْمَعٍ موضع (لا أسمعت مكروها) أو يفتلون بألسنتهم ما يضمرونه من الشتم إلى ما يظهرونه من التوقير نفاقا. فإن قلت: كيف جاءوا بالقول المحتمل ذي الوجهين بعد ما صرحوا وقالوا سَمِعْنا وَعَصَيْنا؟ قلت: جميع الكفرة كانوا يواجهونه بالكفر والعصيان ولا يواجهونه بالسب ودعاء السوء. ويجوز أن يقولوه فيما بينهم ويجوز أن لا ينطقوا بذلك ولكنهم لما لم يؤمنوا جعلوا كأنهم نطقوا به. كذا في الكشاف.

وأصل لَيًّا لويا لأنه من لويت أدغمت الواو في الياء لسبقها بالسكون.

ومثله (الطيّ) وَطَعْناً فِي الدِّينِ أي قدحا فيه بالاستهزاء والسخرية وانتصابهما على العلّية ل يَقُولُونَ باعتبار تعلقه بالقولين الأخيرين. أي يقولون ذلك لصرف الكلام عن وجهه إلى السب والطعن في الدين. أو على الحالية. أي: لاوين وطاعنين في الدين. أفاده أبو السعود.

وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا أي عند ما سمعوا ما يتلى عليهم من أوامره تعالى: سَمِعْنا وَأَطَعْنا أي بدل قولهم سَمِعْنا وَعَصَيْنا والقول هنا كسابقه أعم من أن يكون بلسان المقال أو بلسان الحال وَاسْمَعْ أي لو قالوا عند مخاطبة النبيّ صلى الله عليه وسلم بدل قولهم اسْمَعْ فقط بلا زيادة غَيْرَ مُسْمَعٍ المحتمل للشرّ وَانْظُرْنا يعني بدل قولهم راعِنا المحتمل للمعنى الفاسد كما سلف لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ في الدنيا بحقن دمائهم وأموالهم وعلوّ رتبتهم بإحاطة الكتب السماوية. وفي الآخرة بضعف الثواب. أفاده المهايميّ.

قال أبو السعود: وصيغة التفضيل إما على بابها واعتبار أصل الفضل في المفضل عليه بناء على اعتقادهم. أو بطريق التهكم. وإما بمعنى اسم الفاعل وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ أي: ولكن لم يقولوا ذلك واستمروا على كفرهم فطردهم الله عن رحمته وأبعدهم عن الهدى، بسبب كفرهم فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا منصوب على الاستثناء من لَعَنَهُمُ أي ولكن لعنهم الله إلا فريقا قليلا منهم. آمنوا

<<  <  ج: ص:  >  >>