للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعجل عليّ يا رسول الله! والله! إني لمؤمن بالله ورسوله. وما ارتددت ولا بدلت.

فأقرّه صلى الله عليه وسلم، وكفّ عمر عنه.

وقال صلى الله عليه وسلم لعمر: إنه قد شهد بدرا. وما يدريك، يا عمر؟

لعل الله قد اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. فذرفت عينا عمر ... الحديث.

ولله در أصحاب الصحاح حيث أبهموا في قصة الزبير اسم خصمه سترا عليه كيلا يغض من مقامه. وهكذا ليكن الأدب. وكفانا أصلا عظيما في هذا الباب إبهام التنزيل الجليل في كثير من قصصه الكريمة. فهو ينبوع المعارف والآداب على مرور السنين والأحقاب. هذا كله على الجزم بأنها نزلت في قصة الزبير وخصمه. وقال الحافظ ابن حجر في (الفتح) : والراجح رواية الأكثر. وأن الزبير كان لا يجزم بذلك.

ثم قال الحافظ ابن حجر: وجزم مجاهد والشعبيّ بأن الآية إنما نزلت فيمن نزلت فيه الآية التي قبلها وهي قوله تعالى أَلَمْ تَرَ إلخ فروى إسحاق بن راهويه في (تفسيره) بإسناد صحيح عن الشعبيّ. قال: كان بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين خصومة. فدعا اليهوديّ المنافق إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم. لأنه علم أنه لا يقبل الرشوة. ودعا المنافق اليهوديّ إلى حكامهم. لأنه علم أنهم يأخذونها. فأنزل الله هذه الآيات، إلى ... وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً.

وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، نحوه.

وروى الطبريّ «١» بإسناد صحيح عن ابن عباس أن حاكم اليهود يومئذ كان أبا برزة الأسلميّ قبل أن يسلم ويصحب.

وروي «٢» بإسناد آخر صحيح إلى مجاهد أنه كعب بن الأشرف. انتهى.

وقال ابن كثير: ذكر سبب آخر غريب جدا.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا يونس


بلتعة إلى أناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يا حاطب! ما هذا؟» قال: يا رسول الله! لا تعجل عليّ. إني كنت امرءا ملصقا في قريش. ولم أكن من أنفسها. وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون بها أهليهم وأموالهم.
فأحببت، إذ فاتني ذلك من النسب فيهم، أن أتخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي. وما فعلت كفرا ولا ارتدادا، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لقد صدقكم» قال عمر: يا رسول الله! دعني أضرب عنق هذا المنافق. فقال «إنه قد شهد بدرا. وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم» .
(١) لم أعثر على هذا الأثر في نسخة التفسير التي بين يديّ.
(٢) الأثر رقم ١٩١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>