للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ناسا من المسلمين كانوا مع المشركين ويكثّرون سواد المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم. يأتي السهم فيرمى به فيصيب أحدهم فيقتله. أو يضرب فيقتل. فأنزل الله:

إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ ... الآية. وأخرجه ابن مردويه، وسمى منهم (في روايته) قيس بن الوليد بن المغيرة، وأبا قيس بن الفاكه بن المغيرة، والوليد بن عتبة بن ربيعة، وعمرو ابن أمية بن سفيان، وعليّ بن أمية بن خلف. وذكر في شأنهم أنهم خرجوا إلى بدر.

فلما رأوا قلة المسلمين دخلهم شك وقالوا: غر هؤلاء دينهم. فقتلوا ببدر. وأخرجه ابن أبي حاتم، وزاد: منهم الحارث بن زمعة بن الأسود، والعاص بن منبه بن الحجاج.

وأخرج الطبرانيّ عن ابن عباس قال: كان قوم بمكة قد أسلموا. فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم كرهوا أن يهاجروا، وخافوا. فأنزل الله: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ إلى قوله: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ. وأخرج ابن المنذر وابن جرير عن ابن عباس قال: كان قوم من أهل مكة قد أسلموا. وكانوا يخفون الإسلام. فأخرجهم المشركون معهم يوم بدر. فأصيب بعضهم. فقال المسلمون: هؤلاء كانوا مسلمين، فأكرهوا فاستغفروا لهم. فنزلت: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ... الآية. فكتبوا بها إلى من بقي منهم، وإنه لا عذر لهم، فخرجوا. فلحق بهم المشركون ففتنوهم فرجعوا.

فنزلت: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ [العنكبوت: ١٠] . فكتب إليهم المسلمون بذلك فتحزنوا. فنزلت: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ... [النحل: ١١٠] الآية. فكتبوا إليهم بذلك فخرجوا. فلحقوهم. فنجا وقتل من قتل.

وأخرج ابن جرير «١» من طرق كثيرة نحوه. كذا في (لباب النقول) . قال المهايميّ: ولما أوهم ما فهم مما تقدم، من تساوي القاعدين أولي الضرر والمجاهدين، أن من قعد عن الجهاد لكونه في دار الكفر محسوب منهم، وإن عجز عن إظهار دينه، فإن لم يحسب فلا أقل من أن يحسب من القاعدين غير أولي الضرر، الموعود لهم الحسنى- أزيل ذلك الوهم بأنهم بترك الهجرة من مكان لا يمكنهم فيه إظهار دينهم، مع إمكان الخروج عنه، صاروا ظالمين مستحقين لتوبيخ الملائكة، بل لعذاب جهنم، فقال: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ أي: في حال ظلمهم أنفسهم بترك الهجرة عن مكان لا يمكنهم فيه إظهار دينهم مع القدرة عليها وبموافقة الكفار. و (توفاهم) يجوز أن يكون ماضيا كقراءة من قرأ: (توفتهم)


(١) الأثر رقم ١٠٢٦١- ١٠٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>