للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ركعتان. تمام غير قصر على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وقد خاب من افترى. وهذا ثابت عن عمر رضي الله عنه. وهو الذي سأل النبيّ صلى الله عليه وسلم: ما بالنا نقصر وقد أمنّا؟

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدقة تصدق الله بها عليكم. فاقبلوا صدقته

. ولا تناقض بين حديثيه. فإن النبيّ صلى الله عليه وسلم لما أجابه بأن هذه صدقة الله عليكم، ودينه اليسر السمح، علم عمر أنه ليس المراد من الآية قصر العدد، كما فهمه كثير من الناس،

فقال: صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر

. وعلى هذا فلا دلالة في الآية على أن قصر العدد مباح، منفيّ عنه الجناح. فإن شاء المصلي فعله وإن شاء أتم. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يواظب في سفره على ركعتين ركعتين ولم يربع قط إلا شيئا فعله في بعض صلاة الخوف. كما سنذكره هناك، ونبيّن ما فيه إن شاء الله تعالى.

وقال أنس «١» : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة. وكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة.

متفق عليه.

ولما بلغ «٢» عبد الله بن مسعود أن عثمان بن عفان صلى بمنى أربع ركعات، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون. صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين

. وصليت مع أبي بكر بمنى ركعتين وصليت مع عمر ركعتين. فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان. متفق عليه. ولم يكن ابن مسعود ليسترجع من فعل عثمان أحد الجائزين المخير بينهما. بلى الأولى على قول وإنما استرجع لما شاهده من مداومة النبيّ صلى الله عليه وسلم وخلفائه على ركعتين.

وفي صحيح البخاريّ «٣» عن ابن عمر رضي الله عنه قال: صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكان في السفر لا يزيد على ركعتين.

وأبا بكر وعمر وعثمان (يعني في صدر خلافة عثمان) . وإلا فعثمان قد أتمّ في آخر خلافته. وكان ذلك أحد الأسباب التي نكرت عليه. وقد خرج لفعله تأويلات: أحدها- أن الأعراب كانوا قد حجوا تلك السنة. فأراد أن يعلمهم أن فرض الصلاة أربع، لئلا يتوهموا أنها ركعتان في الحضر والسفر. ورد هذا التأويل بأنهم كانوا أحرى بذلك في حج النبيّ صلى الله عليه وسلم. فكانوا حديثي عهد بالإسلام، والعهد بالصلاة قريب. ومع هذا فلم يربع بهم النبيّ صلى الله عليه وسلم. الثاني- أنه كان إماما للناس. والإمام حيث نزل فهو عمله ومحل ولايته.


(١) أخرجه البخاريّ في: تقصير الصلاة، ١- باب ما جاء في التقصير وكم يقيم حتى يقصر، حديث ٥٩٥.
(٢) أخرجه البخاريّ في: تقصير الصلاة، ٢- باب الصلاة بمنى، حديث ٥٩٨.
(٣) أخرجه البخاريّ في: تقصير الصلاة، ١١- باب من لم يتطوع في السفر دبر الصلاة وقبلها، حديث ٦٠٦. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>