قال ابن كثير: وهذا سياق غريب. وقد ذكر مجاهد وعكرمة وقتادة والسّديّ وابن زيد وغيرهم (في هذه الآية) أنها نزلت في سارق بني أبيرق على اختلاف سياقاتهم، وهي متقاربة.
وقد روى هذه القصة الإمام محمد بن إسحاق مطولة. ورواها عنه، من طريقه، أبو عيسى الترمذيّ في (جامعه) في كتاب التفسير، عن قتادة بن النعمان رضي الله عنه، قال: كان أهل بيت منا يقال لهم بنو أبيرق: بشر وبشير (قال أبو ذرّ الخشنيّ:
بشير بن أبيرق. كذا وقع هنا: بشير بفتح الباء. وقال الدّارقطنيّ: إنما هو بشير بضم الباء) ومبشّر. وكان بشير رجلا منافقا. وكان يقول الشعر يهجو به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم ينحله إلى بعض العرب. ثم يقول: قال فلان كذا أو قال فلان كذا. فإذا سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الشعر قالوا: والله! ما يقول هذا الشعر إلا الخبيث. فقال:
أو كلما قال الرجال قصيدة ... أضموا وقالوا: ابن الأبيرق قالها!
قال: وكانوا أهل بيت فاقة وحاجة في الجاهلية والإسلام. وكان الناس إنما طعامهم بالمدينة، التمر والشعير. وكان الرجل إذا كان له يسار، فقدمت ضافطة من الشام بالدرمك، ابتاع الرجل منها فخص به نفسه. فأما العيال، فإنما طعامهم التمر والشعير. فقدمت ضافطة من الشام فابتاع عمي رفاعة بن زيد حملا من الدرمك فجعله في مشربة له. وفي المشربة سلاح له: درعان وسيفاهما وما يصلحهما. فعدي عليه من تحت الليل، فنقبت المشربة وأخذ الطعام والسلاح. فلما أصبح أتاني عمي رفاعة فقال: يا ابن أخي! تعلّم أنه قد عدي علينا في ليلتنا هذه فنقبت مشربتنا فذهب بسلاحنا وطعامنا.