الحاكم أقوالا كلها ترجع إلى تخصيص الآية. ولا مستند فيها إلا الرأي، والاحتمال.
فلذا أعرضنا عنها.
قال أبو عليّ: تحريم القعود في المجلس لما فيه من الإبهام. فإذا أظهر الكراهة جاز القعود في مكان آخر، وإن قرب. وأما إذا خاضوا في حديث غيره، جاز القعود.
بمفهوم الآية. ثم إن الآية محكمة عند الجمهور. وروي عن الكلبيّ، أنها منسوخة بقوله تعالى: وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ [الأنعام: ٦٩] . وهو مردود. فإن من التقوى اجتناب مجالس هؤلاء الذين يكفرون بآيات الله ويستهزئون بها.
قال الحاكم: دلت الآية على أن الراضي بالاستهزاء بالرسول والدين، كافر. لأنه تعالى قال إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ ودلت على أن الرضا بالكفر كفر.
وقال السمرقنديّ: في هذه الآية دليل على أن من جلس في مجلس معصية، ولم ينكر عليهم، فيكون معهم في الوزر سواء. وينبغي أن ينكر عليهم، إذا تكلموا بالمعصية أو عملوا بها. فإن لم يقدر أن ينكر عليهم ينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية.
وروى ابن جرير عن الضحاك أنه قال: دخل في هذه الآية كل محدث في الدين، وكل مبتدع إلى يوم القيامة.
وقال في (فتح البيان) : وفي هذه الآية باعتبار عموم لفظها الذي هو المعتبر دون خصوص السبب، دليل على اجتناب كل موقف يخوض فيه أهله بما يفيد التنقيص والاستهزاء، للدلالة الشرعية. كما يقع كثيرا من أسراء التقليد الذين استبدلوا آراء الرجال بالكتاب والسنة. ولم يبق في أيديهم سوى (قال إمام مذهبنا:
كذا) و (قال فلان من أتباعه بكذا) أو إذا سمعوا من يستدل على تلك المسألة بآية قرآنية أو بحديث نبويّ، سخروا منه، ولم يرفعوا إلى ما قاله رأسا، ولا بالوا به بالة.
وظنوا أنه قد جاء بأمر فظيع وخطب شنيع. وخالف مذهب إمامهم الذي نزلوه منزلة معلم الشرائع. مع أن الأئمة، الذين انتسب هؤلاء المقلدة إليهم، برءاء من فعلهم.
فإنهم قد صرحوا في مؤلفاتهم بالنهي عن تقليدهم. انتهى.
وفي (الإكليل) : قال ابن الفرس. واستدل بعض العلماء بهذه الآية على وجوب اجتناب أهل المعاصي والأهواء. وفي هذه الآية أصل لما يفعله المصنفون من الإحالة على ما ذكر في مكان آخر، والتنبيه عليه. انتهى. وقوله تعالى.