للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى ابن أبي حاتم عن الجارود بن أبي سبرة قال: كان رجل من بني رياح يقال له: ابن نائل. وكان شاعرا. نافر غالبا، جدّ الفرزدق بماء بظهر الكوفة. على أن يعقر هذا مائة من إبله، إذا وردت الماء. فلما وردت الماء. قاما بسيفيهما فجعلا يكشفان عراقيبها. قال: فخرج الناس على الحمرات والبغال يريدون اللحم. وعليّ بالكوفة.

قال: فخرج عليّ. على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء، وهو ينادي: يا أيها الناس! لا تأكلوا من لحومها. فإنما أهل بها لغير الله. هذا أثر غريب. يشهد له بالصحة ما

رواه أبو داود عن ابن عباس «١» قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معاقرة الأعراب»

. ثم

أسند عن عكرمة «٢»

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن طعام المتباريين أن يؤكل.

أفاده ابن كثير.

وفي (القاموس وشرحه) : وعاقره: فاخره وكارمه في عقر الإبل. ويقال: تعاقرا إذا عقرا إبلهما، يتباريان بذلك، ليرى أيهما أعقر لها. ومن ذلك معاقرة غالب بن صعصعة. أبي الفرزدق وسحيم بن وثيل الرياحيّ لما تعاقرا بصوأر. فعقر سحيم خمسا ثم بدا له. وعقر غالب مائة.

وفي حديث ابن عباس: لا تأكلوا من تعاقر الأعراب. فإني لا آمن أن يكون مما أهل به لغير الله.

قال ابن الأثير: هو عقرهم الإبل، كان الرجلان يتباريان في الجود والسخاء.

فيعقر هذا وهذا. حتى يعجز أحدهما الآخر. وكانوا يفعلونه رياء وسمعة وتفاخرا.

ولا يقصدون به وجه الله تعالى. فشبهه بما ذبح لغير الله تعالى. انتهى.

وروى الإمام مسلم عن عليّ «٣» رضي الله عنه قال: «حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات: لعن الله من ذبح لغير الله. لعن الله من لعن والديه. لعن الله من آوى محدثا. لعن الله من غير منار الأرض» .

وروى الإمام أحمد عن طارق بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «دخل الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب. قالوا: وكيف ذلك؟ يا رسول الله! قال:

مر رّجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئا. فقالوا لأحدهما:

قرب قال: ليس عندي شيء أقرب. قالوا له: قرب ولو ذبابا. فقرب ذبابا، فخلوا


(١) أخرجه أبو داود في: الأضاحي، ١٤- باب ما جاء في أكل معاقرة الأعراب، حديث ٢٨٢٠.
(٢) أخرجه أبو داود في: الأطعمة، ٧- باب في طعام المتباريين، حديث ٣٧٥٤.
(٣) أخرجه مسلم في: الأضاحي، حديث ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>