يتزوج بيهودية أو نصرانية. فسأل النبيّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: إنها لا تحصن ماءك
وروي أنه نهاه عن ذلك. وبأنا نتأوّل قوله تعالى: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ فنجمع ونقول: تخصيص المشركات ب الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ متراخ، والبيان لا يجوز أن يتراخى! قالوا:
روى جابر بن عبد الله عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:«أحلّ لنا ذبائح أهل الكتاب وأحل لنا نساؤهم وحرم عليهم أن يتزوجوا نساءنا» .
قال في (الشفا) : قال علماؤنا: هذا حديث ضعيف النقل. قالوا:
قوله صلى الله عليه وسلم في المجوس:«سنوا بهم سنة أهل الكتاب»
الخبر أفاد جواز ذبائحهم ونكاح نسائهم.
قلنا: الجواز منسوخ بأدلة التحريم. ثم إنا نقوي أدلتنا بالقياس فنقول: كافرة فأشبهت الحربية، أو لما حرمت الموارثة حرمت المناكحة. أو لما حرم نكاح الكافر للمسلمة حرم العكس. قالوا: لا حكم للاعتبار مع الأدلة. انتهى بحروفه. وهو فقه غريب.
وقوله تعالى: إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ أي: أعطيتموهنّ مهورهنّ. وتقييد الحلّ بإيتائها، لتأكيد وجوبها والحث على ما هو الأولى، مبادرة لفراغ الذمة. فإن شغل الذمة بحق الآدميّ أشدّ من شغلها بحق الله تعالى: مُحْصِنِينَ متعفّفين غَيْرَ مُسافِحِينَ أي: غير مجاهرين بالزنى: وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ مسرين به، و (الخدن) الصديق، يقع على الذكر والأنثى. وحمل المسافحة على إظهار الزنى لظهور مقابله في الإسرار، لتبادره من الخدن وهو الصديق. وقيل: الأول نهي عن الزنى، والثاني نهي عن مخالطتهن. كذا في (العناية) .
قال ابن كثير: كما شرط الإحصان في النساء- وهي العفّة عن الزنى- كذلك شرطها في الرجال. وهو أن يكون الرجل أيضا محصنا عفيفا. ولهذا قال: غَيْرَ مُسافِحِينَ وهم الزناة الذين لا يرتدعون عن معصية ولا يردّون أنفسهم عمّن جاءهم وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ أي: ذوي العشيقات الذين لا يفعلون إلّا معهنّ، كما تقدم في سورة النساء، سواء، ولهذا ذهب الإمام أحمد بن حنبل- رحمه الله- إلى أنه لا يصحّ نكاح المرأة البغي حتى تتوب، وما دامت كذلك لا يصح تزويجها من رجل عفيف. وكذلك لا يصحّ عنده عقد الرجل الفاجر على عفيفة حتى يتوب ويقلع عما هو فيه من الزنى، لهذه الآية
وللحديث:«لا ينكح الزاني المجلود إلّا مثله»
. وروى ابن جرير «١» : أن عمر بن الخطاب قال: لقد هممت أن لا أدع أحدا