للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويغسل سائر جسده. رواه أبو داود «١» والدّارقطنيّ

. وصححه ابن السكن.

الحادية عشرة: (وجوب مسح الرأس) :

والمسح إمساس المحل الماء بحيث لا يسيل، والباء في قوله تعالى:

بِرُؤُسِكُمْ تدل على تضمين الفعل معنى الإلصاق، فكأنه قيل: وألصقوا المسح برءوسكم قال الزمخشري: وماسح بعض الرأس ومستوعبه بالمسح كلاهما ملصق للمسح برأسه. أي: فيكون الواجب مطلق المسح كلا أو بعضا- وأيّا ما كان- وقع به الامتثال. والسنة الصحيحة وردت بالبيان، وفيها ما يفيد جواز الاقتصار على مسح البعض في بعض الحالات كما في صحيح مسلم «٢» وغيره من حديث المغيرة، أنه صلى الله عليه وسلم أدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة. وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة «٣» ، أنه مسح رأسه فأقبل وأدبر. وهذه هي الهيئة التي استمرّ عليها صلى الله عليه وسلم. فاقتضى هذا أفضلية الهيئة التي كان صلى الله عليه وسلم يداوم عليها. وهي: مسح الرأس مقبلا ومدبرا. وإجزاء غيرها في بعض الأحوال. ولا يخفى أن الآية لا تفيد إيقاع المسح على جميع الرأس. كما في نظائره من الأفعال. نحو: ضربت رأس زيد،


(١)
أخرجه أبو داود في: الطهارة، ١٢٥- باب في المجروح يتيمم، حديث ٣٣٦ ونصه: عن جابر قال: خرجنا في سفر. فأصاب رجلا منا حجر فشجه في رأسه. ثم احتلم فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء. فاغتسل فمات.
فلما قدمنا على النبيّ صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك. فقال «قتلوه، قتلهم الله. ألا سألوا إذ لم يعلموا؟ فإنما شفاء العيّ السؤال. إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر (أو يعصب) على جرحه خرقة، ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده» .
(٢)
أخرجه مسلم في: الطهارة، حديث ٨١، ونصه: عن المغيرة قال: تخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخلفت معه. فلما قضى حاجته قال «أمعك ماء» ؟ فأتيته بمطهرة. فغسل كفيه ووجهه. ثم ذهب يحسر عن ذراعيه فضاق كمّ الجبة. فأخرج يده من تحت الجبة. وألقى الجبة على منكبيه. وغسل ذراعيه. ومسح بناصيته وعلى العمامة وعلى خفيه. ثم ركب وركبت. فانتهينا إلى القوم وقد قاموا في الصلاة. يصلي بهم عبد الرحمن بن عوف وقد ركع بهم ركعة. فلما أحسّ بالنبيّ صلى الله عليه وسلم، ذهب يتأخر. فأومأ إليه. فصلّى بهم. فلما سلّم قام النبيّ صلى الله عليه وسلم وقمت. فركعنا الركعة التي سبقتنا
. (٣)
أخرجه في البخاري في: الوضوء، ٣٨- باب مسح الرأس كله لقول الله تعالى: وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ، حديث ١٤٦ ونصه: أن رجلا قال لعبد الله بن زيد (وهو جدّ عمرو بن يحيى) :
أتستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟ فقال عبد الله بن زيد: نعم.
فدعا بماء فأفرغ على يديه فغسل مرتين. ثم مضمض واستنثر ثلاثا. ثم غسل وجهه ثلاثا. ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين. ثم مسح رأسه بيديه. فأقبل بهما وأدبر. بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه. ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه. ثم غسل رجليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>