(غسان) قوم جبلة بن الأيهم، نصّرته اللطمة وسيّرته إلى بلاد الروم بعد إسلامه والجمهور: على أنه مات على ردته وقيل: إنه أسلم.
وروى الواقديّ: أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أحبار الشام- لما لحق بهم- كتابا فيه: أن جبلة ورد إليّ في سراة قومه، فأسلم فأكرمته. ثم سار إلى مكة فطاف فوطئ إزاره رجل من بني فزارة، فلطمه جبلة فهشم أنفه وكسر ثناياه. (وقيل: قلع عينه، ويدل له ما سيأتي) فاستعدى الفزاريّ على جبلة إليّ. فحكمت إما بالعفو أو بالقصاص. فقال: أتقتصّ مني وأنا ملك وهو سوقة؟ فقلت: شملك وإياه الإسلام.
فما تفضله إلّا بالعافية.
فسأل جبلة التأخير إلى الغد. فلما كان من الليل ركب مع بني عمه ولحق بالشام مرتدّا.
وروي أنه ندم على ما فعل وأنشد:
تنصّرت بعد الحقّ عارا للطمة ... ولم يك فيها، لو صبرت لها، ضرر
فأدركني فيها لجاج حمّية ... فبعث لها العين الصحيحة بالعور
فيا ليت أمي لم تلدني وليتني ... صبرت على القول الذي قاله عمر
هذا ما في (الكشاف) و (العناية) .
وقال الخطابيّ أهل الردة كانوا صنفين: صنفا ارتدوا عن الدين ونابذوا الملة وعدلوا إلى الكفر. وهذه الفرقة طائفتان:(إحداهما) أصحاب مسيلمة الكذاب من بني حنيفة وغيرهم الذي صدقوه على دعواه في النبوة، أصحاب الأسود العنسي ومن استجابه من أهل اليمن. وهذه الفرقة بأسرها منكرة لنبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. مدعية النبوة لغيره. فقاتلهم أبو بكر حتى قتل مسيلمة باليمامة، والعنسيّ بصنعاء.
وانفضّت جموعهم وهلك أكثرهم. و (الطائفة الأخرى) ارتدوا عن الدين. فأنكروا الشرائع وتركوا الصلاة والزكاة وغير هما من أمور الدين، وعادوا إلى ما كانوا عليه في الجاهلية، فلم يكن يسجد لله في الأرض إلا في ثلاثة مساجد: مسجد مكة، ومسجد المدينة، ومسجد عبد القيس.
قال والصنف الآخر: هم الذين فرقوا بين الصلاة وبين الزكاة، فأنكروا وجوبها ووجوب أدائها إلى الإمام، وهؤلاء، على الحقيقة، أهل البغي وإنما لم يدعوا بهذا الاسم في ذلك الزمن خصوصا، لدخولهم في غمار أهل الردة، وأضيف الاسم في