(الوجه الثاني) أن تستعمله مع أصله الذي صيغ هو منه، ليفيد أن الموصوف به بعض تلك العدة المعينة لا غير. فتقول: خامس خمسة أي: واحد من خمسة لا زائد عليها، ويجب حينئذ إضافته إلى أصله. كما يجب إضافة البعض إلى كله. ك:
يد زيد، قال تعالى: إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ [التوبة: ٤٠] . وقال تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ. وزعم الأخفش وقطرب والكسائي وثعلب أنه يجوز إضافة الأول إلى الثاني، ونصبه إياه، فعلى هذا يجوز ثالث ثلاثة بجرّ (ثلاثة) ونصبها. كما يجوز في (ضارب زيد) .
(الوجه الثالث) أن تستعمله مع ما دون أصله الذي صيغ منه بمرتبة واحدة، ليفيد معنى التصيير، فتقول: هذا رابع ثلاثة أي: جاعل الثلاثة بنفسه أربعة، قال تعالى: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ [المجادلة: ٧] . أي: إلا هو مصيّرهم أربعة ومصيرهم ستة. ويجوز حينئذ إضافته وإعماله، كما يجوز الوجهان في جاعل ومصير ونحوهما.
وانظر تتمة الأوجه.
وبما ذكرناه يعلم ردّ ما ذهب إليه الجامي في (شرح الكافية) من اعتبار الصفة في نحو (ثالث ثالثة) حيث قال في شرح قول ابن الحاجب ثالِثُ ثَلاثَةٍ: أي أحدها. لكن لا مطلقا. بل باعتبار وقوعه في المرتبة الثالثة. قال: وإلّا يلزم جواز إرادة الواحد الأول من عاشر العشرة وذلك مستبعد جدّا. انتهى.
فكتب عليه بعض المحققين ما نصّه: الظاهر من عبارة (التوضيح) ومن كلام المصنف أنه لا يعتبر الوقوع في المرتبة الثانية أو الثالثة وهكذا.. إذ يبعد في الآيتين كون المراد ب «ثاني اثنين وثالث ثلاثة» كونه في المرتبة الثانية أو الثالثة بل المراد أنه بعض تلك العدّة، بلا نظر لكونه في المرتبة الثانية أو الثالثة. إلّا أن يكون هذا باعتبار الوضع، وإن كان الاستعمال بخلافه. ولذا كتب العلامة عبد الحكيم على قوله (وذلك مستبعد جدّا) أي: عند العقل، وإلّا فالاستعمال بخلافه. انتهى.
وَما مِنْ إِلهٍ في نصّ الإنجيل والتوراة وجميع الكتب السماوية ودلائل العقل إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ لا يتعدد أفرادا ولا أجزاء وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ من هذا الافتراء والكذب، بعد ظهور الدلالة القطعية، متمسكين بمتشابهات الإنجيل التي أوضحتها محكماته لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ في الآخرة. من عذاب الحريق والأغلال والنكال.