للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التحريم: ١] . ثم قال: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ [التحريم: ٢] ..

الآية. وكذلك هنا. لما ذكر هذا الحكم عقبه بالآية المبينة لتكفير اليمين، فدلّ على أنّ هذا منزل منزلة اليمين في اقتصاء التكفير. والله أعلم.

وفي (زاد المعاد) لابن القيّم فصل مهمّ في حكم من حرم أمته أو زوجته أو متاعه. تنبغي مراجعته.

الثالث: هذه الآية أصل في ترك التنطع والتشدّد في التعبّد- كذا في (الإكليل) .

قال ابن جرير: لا يجوز لأحد من المسلمين تحريم شيء، ممّا أحلّ الله لعباده المؤمنين، على نفسه من طيبات المطاعم والملابس والمناكح، ولذلك ردّ النبيّ صلى الله عليه وسلم التبتّل على عثمان بن مظعون. فثبت أنه لا فضل في ترك شيء مما أحلّه الله لعباده.

وأن الفضل والبرّ إنما هو في فعل ما ندب الله إليه عباده، وعمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنه لأمته، واتبعه على منهاجه الأئمة الراشدون. إذ كان خير الهدى هدى نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم.. فإذا كان ذلك كذلك تبيّن خطأ من آثر لباس الشعر والصوف على لباس القطن والكتان، إذا قدر على لباس ذلك من حله. وآثر أكل الخشن من الطعام وترك اللحم وغيره حذرا من عارض الحاجة إلى النساء.. قال: فإن ظنّ ظان أن الفضل في غير الذي قلنا- لما في لباس الخشن وأكله من المشقة على النفس وصرف ما فضل منهما من القيمة إلى أهل الحاجة- فقد ظنّ خطأ. وذلك أن الأولى بالإنسان صلاح نفسه وعونه لها على طاعة ربّها، ولا شيء أضر على الجسم من المطاعم الرديئة. لأنها مفسدة لعقله ومضعفة لأدواته التي جعلها الله سببا إلى طاعته.. انتهى.

وللرازيّ هنا مبحث جيّد في حكمة هذا النهي. مؤيد لما ذكر. فليراجع فإنه نفيس.

وقد أخرج الترمذيّ «١» عن عائشة قالت: كان رسول الله يحب الحلواء والعسل.

وله «٢» عن أبي هريرة قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحم فرفع إليه الذراع- وكانت تعجبه- فنهش منها. قالت «٣» عائشة: ما كان الذراع أحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن كان لا يجد اللحم إلّا غبّا، وكان يعجل إليه الذراع لأنه أعجلها نضجا.

أخرجه الترمذيّ.


(١) أخرجه الترمذي في: الأطعمة، ٢٩- باب ما جاء في حب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم الحلواء والعسل. [.....]
(٢) أخرجه الترمذي في: الأطعمة، ٣٤- باب ما جاء في أي اللحم كان أحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(٣) أخرجه الترمذي في: الأطعمة، ٣٤- باب ما جاء في أي اللحم كان أحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>