للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلى! قال: أليس من ذرية إبراهيم، وليس له أب؟ قال: صدقت! فلهذا إذا أوصى الرجل لذريته أو وقف على ذريته، أو وهبهم دخل أولاد البنات فيهم. فأما إذا أعطى الرجل بنيه، أو وقف عليهم، فإنه يختص بذلك بنوه لصلبه، وبنو بنيه، واحتجوا بقول الشاعر:

بنونا بنو أبنائنا وبناتنا ... بنوهنّ أبناء الرجال الأباعد

وقال آخرون: ويدخل بنو البنات فيهم، لما

ثبت في صحيح البخاري «١» أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للحسن بن عليّ: إن ابني هذا سيّد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين

. فسماه (ابنا) فدل على دخوله في الأبناء. وقال آخرون: هذا تجوّز: انتهى.

وفي (العناية) : أورد على الاستدلال بتناول الذرية أولاد البنت من هذه الآية، بأن عيسى عليه السلام ليس له أب يصرف إضافته إلى الأم إلى نفسه، فلا يظهر قياس غيره عليه. والمسألة مختلف فيها، والقائل بها استدل بهذه الآية، وآية المباهلة، حيث دعا النبي صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين رضي الله عنهما بعد ما نزل: نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ [آل عمران: ٦١] . إن لم نقل إنه من خصائصه صلى الله عليه وسلم. انتهى.

الثاني- إنما لم يذكر إسماعيل عليه السلام مع إسحاق، بل أخّر ذكره عنه، لأن المقصود بالذكر هاهنا أنبياء بني إسرائيل، وهم بأسرهم أولاد إسحاق ويعقوب، وأما إسماعيل فلم يخرج من صلبه من الأنبياء إلا خاتمهم وأفضلهم صلى الله عليه وسلم. ولا يقتضي المقام ذكره صلى الله عليه وسلم لأنه أمر أن يحتج على العرب في نفي الشرك بأن إبراهيم لما ترك قومه وما يعبدون إلى عبادة الله وحده، رزقه الله النعم العظيمة في الدين والدنيا، ومنها إيتاؤه أولادا أنبياء. فإذا كان المحتج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يذكر في هذا المعرض. ولهذا السبب لم يذكر إسماعيل مع إسحاق- أفاده الرازي-.

الثالث- اعلم أنه تعالى ذكر هنا ثمانية عشر نبيّا من الأنبياء عليهم السلام من


(١)
أخرجه البخاري في: الفتن، ٢٠- باب قول النبيّ صلى الله عليه وسلم للحسن بن عليّ: إن بني هذا لسيّد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين، حديث ١٣٠٧ ونصه: حدثنا الحسن قال: لما سار الحسن بن عليّ رضي الله عنهما إلى معاوية بالكتائب، قال عمرو بن العاص لمعاوية: أرى كتيبة لا تولّى حتى تدبر أخراها. قال معاوية: من لذراري المسلمين؟
قال الحسن: ولقد سمعت أبا هريرة قال: بينا النبيّ صلى الله عليه وسلم يخطب جاء الحسن. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم «ابني هذا سيد، ولعلّ الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين»
.

<<  <  ج: ص:  >  >>