أي: هذا مستقر له الآن، من غير استقرار له في المستقبل العارض. وَهذا لِشُرَكائِنا وهو مستقر لهم، بل يستقر لهم ما ليس لهم أيضا، فكانوا إذا سقط في نصيب الله شيء من نصيبها التقطوه، أو في نصيبها شيء من نصيبه تركوه كما قال تعالى: فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ أي: عند نمائه أو سقوطه فيما هو لله.
أو هلاك ما هو لله لا يصل إلى الوجوه التي كانوا يصرفونه إليها من قرى الضيفان والتصدق على المساكين. وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ أي: عند نمائه أو سقوطه فيما هو للأصنام، أو هلاك مالها، فينفقون عليها، بذبح نسائك عندها، والإجراء على سدنتها، ونحو ذلك. وعللوا ذلك بأن الله غنيّ، وهي محتاجة ساءَ ما يَحْكُمُونَ أي: ما يقسمون، لأنهم أولا عملوا ما لم يشرع لهم، وضلوا في القسم.
لأنه تعالى رب كل شيء ومليكه وخالقه، لا إله غيره، ولا رب سواه. ثم لما قسموا فيما زعموا القسمة الفاسدة، لم يحفظوها، بل جاروا فيها، إذ رجحوا جانب الأصنام في الحفظ والرعاية سفها.
وقال المهايمي: ساءَ ما يَحْكُمُونَ أي: من ترجيح جانب الأصنام على جانب الله، بعلة تقتضي ترجيح جانب الله لإلهيته، وعدم صلاحيتها للإلهية مع الحاجة.
وما ذكرناه في الآية هو الذي قاله أئمة التفسير.
فقد روى علي بن أبي طلحة والعوفي عن ابن عباس أنه قال في تفسير هذه الآية: إن أعداء الله كانوا إذا حرثوا حرثا، أو كانت لهم ثمرة، جعلوا لله منه جزءا، وللوثن جزءا، فما كان من حرث أو ثمرة أو شيء من نصيب الأوثان حفظوه وأحصوه. وإن سقط منه شيء فيما سمي للصمد، ردّوه إلى ما جعلوه للوثن، وإن سبقهم الماء الذي جعلوه للوثن، فسقى شيئا جعلوه لله، جعلوا ذلك للوثن. وإن سقط شيء من الحرث والثمرة الذي جعلوه لله، فاختلط بالذي جعلوه للوثن قالوا:
هذا فقير، ولم يردوه إلى ما جعلوه لله، وإن سبقهم الماء الذي جعلوه لله، فسقى ما سمّي للوثن تركوه للوثن، وكانوا يحرمون من أموالهم البحيرة والسائبة والوصيلة والحام. فيجعلونه للأوثان، ويزعمون أنهم يحرمونه قربة لله تعالى، فقال تعالى:
وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ ... الآية.
قال ابن كثير: وهكذا قال مجاهد وقتادة والسدّي وغير واحد.