للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يقال: إن الباقي من الأشهر الحرم ثمانون يوما، إذ الحج في تلك السنة كان في العاشر من ذي القعدة، بسبب النسيء، ثم صار في السنة المقبلة في العاشر من ذي الحجة، وفيها حج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم

وقال» : إن الزمان قد استدار ... الحديث-

لأنا نقول: كان ذو القعدة عامئذ هو ذا الحجة بحسابهم، لا في الواقع، وكذلك ذو الحجة، المحرم، فعوملوا بحسابهم.

الثاني- قال السيوطي في (الإكليل) في قوله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ هذه آية السيف الناسخة لآيات العفو والصفح والإعراض والمسالمة.

انتهى.

وروي عن الضحاك أنها منسوخة بقوله تعالى في سورة محمد: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً [محمد: ٤] . وردّه الحاكم بأنه لا شبهة في أن براءة نزلت بعد سورة محمد، ومقتضى كلام الحاكم، أنها لا ناسخة ولا منسوخة، قال: لأن الجمع، من غير منافاة، ممكن فحيث ورد في القرآن ذكر الإعراض، فالمراد به إعراض إنكار، لا تقرير. وأما الأسر والفداء، فالمراد به أنه خيّر بين ذلك، لا أن القتل حتم، إذ لو كان حتما، لم يكن للأخذ معنى بعد القتل. انتهى.

ويشمل عمومها مشركي العرب وغيرهم، واستدل بقوله تعالى: وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ على جواز حصارهم والإغارة عليهم وبياتهم.

الثالث- فهو من قوله تعالى: فَإِنْ تابُوا ... الآية أن الأمر بتخلية السبيل معلق على شروط ثلاثة: التوبة، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، فحيث لم تحصل جاز ما تقدم من القتل والأخذ والحصر. ولهذا اعتمد الصديق رضي الله عنه، في قتال مانعي الزكاة، على هذه الآية الكريمة وأمثالها.

قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: يرحم الله أبا بكر، ما كان أفقهه!

وفي الصحيحين «٢» عن ابن عمر رضي الله عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله عنهما وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة.


(١) أخرجه البخاري في: التفسير، ٩- سورة التوبة، ٨- باب قوله تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً، حديث رقم ٥٩ عن أبي بكرة.
(٢) أخرجه البخاري في: الإيمان، ١٧- باب فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ، حديث رقم ٢٤.
وأخرجه مسلم في: الإيمان، حديث رقم ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>