للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الخفاجي: وحاول بعضهم توجيه كلام الكشاف بأن مراده أن الأصل فيه ذلك، فأبدله بالعفو تعظيما لشأنه، ولذا قدم العفو على ما يوجب الجناية، فلا خطأ فيه.

قال رحمه الله: ولو اتقى هو والموجّه موضع التهم- كان أولى وأحرى.

انتهى.

الثاني- استدل بالآية على أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يحكم أحيانا بالاجتهاد، كما بسطه الرازي.

قال السيوطي في (الإكليل) : واستدل بها من قال: إن اجتهاده قد يخطئ ولكن ينبّه عليه بسرعة.

الثالث- قال الرازي: دلت الآية على وجوب الاحتراز عن العجلة، ووجوب التثبت والتأني، وترك الاغترار بظواهر الأمور، والمبالغة في التفحص، حتى يكمنه أن يعامل كل فريق بما يستحقه من التقريب أو الإبعاد.

الرابع- قال أبو السعود: تغيير الأسلوب بأن عبر عن الفريق الأول بالموصول الذي صلته فعل دالّ على الحدوث، وعن الفريق الثاني باسم الفاعل المفيد للدوام- للإيذان بأن ما ظهر من الأولين صدق حادث في أمر خاص غير مصحح لنظمهم في سلك الصادقين. وأن ما صدر من الآخرين، وإن كان كذبا حادثا متعلقا بأمر خاص، لكنه أمر جار على عادتهم المستمرة، ناشئ عن رسوخهم في الكذب. ودقق رحمه الله في بيان لطائف أخر. فلتراجع.

الخامس- قيل: نفي الفعل المستقبل الدالّ على الاستمرار في قوله تعالى لا يَسْتَأْذِنُكَ يفيد نفي الاستمرار. وهذا معنى قول الزمخشريّ: ليس من عادة المؤمنين أن يستأذنوك.

قال النحرير: ولا يبعد حمله على استمرار النفي كما في أكثر المواضع، أي عادتهم عدم الاستئذان.

قال الناصر: وهذا الأدب يجب أن يقتفى مطلقا، فلا يليق بالمرء أن يستأذن أخاه في أن يسدي له معروفا، ولا بالمضيف أن يستأذن ضيفه في أن يقدم إليه طعاما. فإن الاستئذان في أمثال هذه المواطن أمارة التكلف والتكرّه، وصلوات الله على خليله وسلامه، لقد بلغ من كرمه وأدبه مع ضيوفه أنه كان لا يتعاطى شيئا من

<<  <  ج: ص:  >  >>