والفقراء. جمع فقير، فعيل، بمعنى فاعل، يقال فقر يفقر من باب تعب، إذا قل ماله.
والمساكين: جمع مسكين، من (سكن سكونا) . ذهبت حركته، لسكونه إلى الناس، وهو بفتح الميم في لغة بني أسد، وبكسرها عند غيرهم. قال ابن السكّيت:
المسكين: الذي لا شيء له، والفقير: الذي له بلغة من العيش. وكذلك قال يونس، وجعل الفقير أحسن حالا من المسكين. قال: وسألت أعرابيا: أفقير أنت؟ فقال: لا، والله! بل مسكين وقال الأصمعيّ: المسكين أحسن حالا من الفقير، وهو الوجه لأن الله تعالى قال: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ [الكهف: ٧٩] وكانت تساوي جملة، وقال في حق الفقراء: لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ [البقرة: ٢٧٣] وقال ابن الأعرابي: المسكين هو الفقير، وهو الذي لا شيء له، فجعلهما سواء. كذا في (المصباح) .
قال البدر القرافي: وإذا اجتمعا افترقا، كما إذا أوصي للفقراء والمساكين، فلا بد من الصرف للنوعين، وإن افترقا اجتمعا، كما إذا أوصي لأحد النوعين، جاز الصرف للآخر.
قال المهايمي: ثمّ ذكر تعالى من يحتاج إليهم المحتاجون إلى الصدقات فقال: وَالْعامِلِينَ عَلَيْها أي الساعين في تحصيلها: القابض والوازن والكيال والكاتب، ويعطون أجورهم منها. ثم ذكر من يحتاج إليهم الإمام فقال: وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ.
وهم قوم ضعفت نيتهم في الإسلام، فيحتاج الإمام إلى تأليف قلوبهم بالعطاء، تقوية لإسلامهم، لئلا يسري ضعفهم إلى غيرهم. أو أشراف يترقب بإعطائهم إسلام نظرائهم.
ثم ذكر تعالى من يعان بها في دفع الرقّ بقوله: وَفِي الرِّقابِ.
أي وللإعانة في فك الرقاب، فيعطي المكاتبون منها ما يستعينون به على أداء نجوم الكتابة، وإن كانوا كاسبين، وهو قول الشافعي والليث. أو: وللصرف في عتق الرقاب، بأن يبتاع منها الرقاب فتعتق قال ابن عباس والحسن: لا بأس أن تعتق الرقبة من الزكاة، وهو مذهب مالك وأحمد وإسحاق. ولا يخفى أن (الرقاب) يعم الوجهين. وقد ورد في ثواب الإعتاق وفك الرقبة أحاديث كثيرة.