الشافعي- لا يسعده السياق، فإن الآية مصدرة بكلمة الحصر الدالة على قصر جنس الصدقات على الأصناف المعدودة، وأنها مختصة بهم، وأن غيرهم لا يستحق فيها نصيبا. كأنه قيل: إنما هي لهم لا لغيرهم، فهذا هو الغرض الذي سيقت له الآية، فلا اقتضاء فيها لما سواه. انتهى.
الثاني- قال بعضهم: لفظ (الصّدقات) بعمومه يجمع الصدقة الواجبة والنافلة. ثم إن الصدقة الواجبة تتنوّع أنواعا، منها الزكوات لما هو العشر أو نصف العشر أو ربع العشر، وزكاة المواشي والفطرة والكفارات، نحو كفارة اليمين والظهار والصوم، وكذلك الهدي في الحج، ومنها ما يؤخذ من أموال الكفار ورؤوسهم، ولهذا سمى الله الغنائم صدقة في سبب نزول الآية، وذلك في قسمة غنائم (حنين) ، فإذا كان اللفظ يعمّ ما ذكر، فهل تحمل الآية على عمومها في قسمتها على ما ذكر، أو يخصص البعض؟
ثم قال: والعلماء قسموا الصدقات، وجعلوا مصارفها مختلفة، والكفارة لم يذكر أنها تصرف في الثمانية المصارف. وقد ورد قوله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ [المائدة: ٨٩] . فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً [المجادلة: ٤] ، وفي الحديث: أطعم عن كل يوم مسكينا، وورد في الفطرة: أغنوهم هذا اليوم. وورد في الغنيمة: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ.. [الأنفال: ٤١] الآية. فهل هذه الأدلة مخصصة لعموم لفظ (الصدقات) ؟ فإن الزكوات مجمع عليها في أن مصرفها الثمانية الأصناف. أم كيف تنزل الآية على القواعد الأصولية؟. انتهى كلامه.
ولا يخفى كونها مخصصة لعموم لفظ الصدقات، لأن الخاصّ يقضي على العامّ على أن المراد قصرها على هذه الأصناف، فكل ما ذكر لم يخرج عنها، لشمولها له.
والله أعلم.
الثالث- (المؤلفة قلوبهم) حكمهم باق، لأنه صلّى الله عليه وسلّم أعطى المؤلفة من المسلمين والمشركين، فيعطون عند الحاجة. ويحمل ترك عمر وعثمان وعليّ إعطاءهم، على عدم الحاجة إلى إعطائهم في خلافتهم، لا لسقوط سهمهم، فإن الآية من آخر ما نزل. وأعطى أبو بكر عدي بن حاتم والزبرقان بن بدر. ومنع وجود الحاجة على ممرّ الزمان، واختلاف أحوال النفوس في القوة والضعف- لا يخفى فساده. كذا في (الإقناع) و (شرحه) .
والمؤلفة كما في (الإقناع) هم رؤساء قومهم: من كافر يرجى إسلامه، أو كف