بالسواري، وهم أبو لبابة ومرداس وأوس بن خذام وثعلبة بن وديعة.
وأخرج أبو الشيخ وابن مندة في (الصحابة) من طريق الثوري عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: كان ممن تخلف عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في تبوك ستة: أبو لبابة وأوس بن خذام وثعلبة بن وديعة وكعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية.
فجاء أبو لبابة وأوس وثعلبة، فربطوا أنفسهم بالسواري، وجاءوا بأموالهم، فقالوا: يا رسول الله! خذ هذا الذي حبسنا عنك، فقال: لا أحلهم حتى يكون قتال، فنزل القرآن: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ.. الآية-
إسناده قوي، كذا في (اللباب) -.
قال ابن كثير: هذه الآية، وإن كانت نزلت في أناس معينين، إلا أنها عامة في كل المذنبين الخاطئين المخلطين. وقد قال مجاهد: إنها نزلت في أبي لبابة لما قال لبني قريظة (إنه الذبح) وأشار بيده إلى حلقه، ثم نقل ما تقدم.
الثاني-
روى البخاري «١» في التفسير في هذه الآية، عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لنا: أتاني الليلة آتيان، فابتعثاني، فانتهيا إلى مدينة مبنية بلبن ذهب، ولبن فضة، فتلقانا رجال، شطر من خلفهم كأحسن ما أنت راء، وشطر كأقبح ما أنت راء، قالا لهم:
اذهبوا فقعوا في ذلك النهر، فوقعوا فيه، ثم رجعوا إلينا، قد ذهب ذلك السوء عنهم، فصاروا في أحسن صورة، قالا لي: هذه جنة عدن، وهذاك منزلك. قالا: أما القوم الذين كانوا شطر منهم حسن وشطر منهم قبيح، فإنهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، تجاوز الله عنهم.
الثالث- قال الزمخشري: فإن قلت: قد جعل كل واحد منهما مخلوطا، فما المخلوط به؟ قلت: كل واحد منهما مخلوط ومخلوط به، لأن المعنى خلط كل واحد منهما بالآخر، كقولك: خلطت الماء واللبن، تريد خلطت كل واحد منهما بصاحبه، وفيه ما ليس في قولك (خلطت الماء باللبن) ، لأنك جعلت الماء مخلوطا، واللبن مخلوطا به؟ وإذا قلته بالواو جعلت الماء واللبن مخلوطين ومخلوطا بهما، كأنك قلت: خلطت الماء باللبن واللبن بالماء.
وناقشه الناصر في (الانتصاف) فقال: التحقيق في هذا أنك إذا قلت (خلطت
(١) أخرجه البخاري في: التفسير، ٩- سورة التوبة، ١٥- باب وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، حديث رقم ٥٠١.