في كذا) قد يراد به أن حكم الآية يشمل ما وقع من كذا بمعنى أن نزولها يتناوله.
وقد يراد به (أن كذا كان سببا لنزولها) وما هنا من الأول. ونظائره كثيرة في التنزيل، وقد نبهنا عليه مرارا، لا سيما في المقدمة. فاحفظه.
الثاني- قال عطاء بن أبي الرباح: ما كنت لأدع الصلاة على أحد من أهل القبلة، ولو كانت حبشية حبلى من الزنى، لأني لم أسمع الله حجب الصلاة إلا عن المشركين، ثم قرأ الآية. وهذا فقه جيّد.
الثالث- قال بعض اليمانين: استدل بالآية على أن من تأوه في الصلاة لم تبطل. وهذا يحكى عن أبي جعفر: إذا قال (آه) لم تبطل صلاته، لأنه تعالى مدح إبراهيم عليه السلام بذلك، ومذهب الأئمة بطلانها، سواء قال (آه) أو (أوه) ، لأن ذلك من كلام الناس، ولم يذكر تعالى أن تأوه إبراهيم كان في الصلاة. انتهى.
الرابع- قال في (العناية) : (أوّاه) فعّال للمبالغة من (التأوّه) وقياس فعله أن يكون ثلاثيا، لأن أمثلة المبالغة إنما يطرد أخذها منه وحكى قطرب له فعلا ثلاثيا وهو (آه يؤوه) كقام يقوم، أوها، وأنكر عليه غيره بأنه لا يقال إلا أوّه وتأوّه قال:
إذا ما قمت أرحلها بليل ... تأوّه آهة الرّجل الحزين
والتأوه قول (آه) ونحوه مما يقوله الحزين، فلذا كني به عن الحزن، ورقة القلب. انتهى.
و (أوّه) بفتح الواو المشدّدة ساكنة الهاء، وأواه، وأوه بسكون الواو والحركات الثلاث قال:
فأوه على زيارة أمّ عمرو ... فكيف مع العدا، ومع الوشاة؟
وربما قلبوا الواو ألفا، فقالوا: آه من كذا قال:
آه من تيّاك آها ... تركت قلبي متاها
و (آه) بكسر الهاء منونة وحكي أيضا آها وواها. وفيها لغات أخرى أوصلها (التاج) إلى اثنتين وعشرين لغة، وكلها كلمات تقال عند الشكاية والتوجع والتحزن، مبنيّات على ما لزم آخرها إلا (آها) فانتصابها لإجرائها مجرى المصادر، كأنه قيل: أتأسف تأسفا.