للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثامن: قال الشمس ابن القيم في (زاد المعاد) . اختلف الصحابة: هل رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم ربه تلك الليلة أم لا؟ فصحّ عن ابن عباس أنه رأى ربه. وصحّ عنه أنه قال:

رآه بفؤاده وصحّ عن عائشة وابن مسعود إنكار ذلك وقالا: إن قوله تعالى: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى [النجم: ١٣- ١٤] ، إنما هو جبريل.

وصح عن أبي ذر أنه سأله: هل رأيت ربك؟ قال: نور أنّى أراه

. أي حال بيني وبين رؤيته النور.

كما

قال في لفظ آخر: رأيت نورا.

وقد حكى عثمان بن سعيد الدارميّ اتفاق الصحابة على أنه لم يره. قال شيخ الإسلام ابن تيمية، قدس الله روحه: وليس قول ابن عباس أنه رآه مناقضا لهذا. ولا قوله رآه بفؤاده.

وقد صح عنه أنه قال: رأيت ربي تبارك وتعالى

. ولكن لم يكن هذا في الإسراء ولكن كان في المدينة لما احتبس عنهم في صلاة الصبح. ثم أخبرهم عن رؤية ربه تبارك وتعالى تلك الليلة في منامه.

وعلى هذا بنى الإمام أحمد رحمه الله وقال: نعم، رآه حقا. فإن رؤيا الأنبياء حق ولا بدّ. ولكن لم يقل أحمد إنه رآه بعيني رأسه. ومن حكى عنه ذلك فقد وهم عليه.

ولكن قال مرة: رآه، ومرة قال: رآه بفؤاده. فحكيت عنه روايتان وحكيت عنه الثالثة من تصرف بعض أصحابه أنه رآه بعيني رأسه. وهذه نصوص أحمد موجودة ليس فيها ذلك. وأما قول ابن عباس: رآه بفؤاده مرتين. فإن كان استناده إلى قوله تعالى: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى [النجم: ١١] ، ثم قال: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى [النجم: ١٣] ، والظاهر أنه مستنده، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أن هذا المرئي جبريل. رآه مرتين في صورته التي خلق عليها. وقول ابن عباس هذا. هو مستند الإمام أحمد في قوله: رآه بفؤاده.

والله أعلم.

التاسع: قال الجاحظ أبو الخطاب عمر بن دحية في كتابه (التنوير في مولد السراج المنير) - بعد ذكره حديث الإسراء من طريق أنس- وقد تواترت الروايات في حديث الإسراء عن عمر بن الخطاب وعليّ وابن مسعود وأبي ذرّ ومالك بن صعصعة وأبي هريرة وأبي سعيد وابن عباس وشداد بن أوس وأبيّ بن كعب وعبد الرحمن بن قرط وأبي حبّة وأبي ليلى الأنصاريين وعبد الله بن عمرو وجابر وحذيفة وبريدة وأبي أيوب وأبي أمامة وسمرة بن جندب وأبي الحمراء وصهيب الروميّ وأم هانئ وعائشة وأسماء ابنتي أبي بكر الصديق رضي الله عنهم، أجمعين، منهم من ساقه بطوله ومنهم من اختصره، على ما وقع في المسانيد. وإن لم تكن رواية بعضهم على شرط الصحة. فحديث الإسراء أجمع عليه المسلمون. وأعرض عنه الزنادقة والملحدون.

انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>