يحكي الخلاف ويطلقه ولا ينبه على الصحيح من الأقوال، فهو ناقص أيضا. انتهى كلامه رحمه الله، وهو الفصل في هذا المقام.
الثاني- قال الرازيّ: ذكروا في فائدة الواو في قوله: وَثامِنُهُمْ وجوها:
الأول- ما ذكروه أنه يدل على أن هذا القول أولى من سائر الأقوال. وقد عرفت ما فيه.
وثانيها- أن السبعة عند العرب أصل في المبالغة في العدد. وإذا كان كذلك، فإذا وصلوا إلى الثمانية ذكروا لفظا يدل على الاستئناف،، فقالوا: وثمانية. فجاء هذا الكلام على هذا القانون. قالوا: ويدل عليه نظيره في ثلاث آيات، وهي قوله:
وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ [التوبة: ١١٢] ، لأن هذا هو العدد الثامن من الأعداد المتقدمة. وقوله: حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها [الزمر: ٧٣] ، لأن أبواب الجنة ثمانية وأبواب النار سبعة. وقوله: ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً [التحريم: ٥] ، لأن قوله:
وَأَبْكاراً هو العدد الثامن مما تقدم. والناس يسمون هذه الواو. (واو الثمانية) ومعناه ما ذكرناه.
قال القفّال: وهذا ليس بشيء والدليل عليه قوله تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ [الحشر:
٢٣] ، ولم يذكر الواو في النعت الثامن. انتهى.
وقال في (الانتصاف) : الصواب في الواو ما تقدم من كونها لتأكيد اللصوق.
لا كمن يقول إنها واو الثمانية. فإن ذلك أمر لا يستقر لمثبته قدم. ويعدون مع هذه الواو في قوله في الجنة وَفُتِحَتْ أَبْوابُها قالوا لأن أبواب الجنة ثمانية وأبواب النار سبعة وهب أن في اللغة واوا تصحب الثمانية فتختص بها، فأين ذكر العدد في أبواب الجنة حتى ينتهي إلى الثامن فتصحبه الواو؟ وربما عدوا من ذلك وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وهو الثامن من قوله: التَّائِبُونَ وهذا أيضا مردود بأن الواو إنما اقترنت بهذه الصفة لتربط بينها وبين الأولى التي هي الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ لما بينهما من التناسب والربط. ألا ترى اقترانهما في جميع مصادرهما ومواردهما؟ كقوله:
يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [التوبة: ٧١] ، وكقوله: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ [لقمان: ١٧] ، وربما عدّ بعضهم من ذلك، الواو في قوله:
ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً لأنه وجدها مع الثامن. وهذا غلط فاحش. فإن هذه واو التقسيم.
ولو ذهبت تحذفها فتقول ثيبات أبكارا لم يستدّ الكلام. فقد وضح أن الواو في