ثم قال: وهناك حكاية مشهورة بين أهالي (كوه قاف) تقتضي أن هذا الجبل كان مسدودا بسد عظيم يمنع غارة المتبربرين وهذا السد العظيم تارة يعزى لإسكندر، وتارة لأنوشروان ويستدلون على ذلك بآثار موجودة إلى الآن، ترى لمن يروم ذلك.
التنبيه الثامن- قال أبو البقاء: يأجوج ومأجوج اسمان أعجميان، لم ينصرفا للعجمة والتعريف. ويجوز همزهما وترك همزهما. وقيل: هما عربيان ف (يأجوج) يفعول مثل يربوع. (ومأجوج) مفعول مثل معقول. وكلاهما من (أجّ الظليم) إذا أسرع. أو من (أجت النار) إذا التهبت. ولم ينصرفا للتعريف والتأنيث- أي للقبيلة كمجوس. فالكلمتان من أصل واحد في الاشتقاق. وعلى العجمة، لا يتأتى تصريفه.
ولا يعتبر وزنه إلا بتقدير كونه عربيّا، كما في (تذكرة أبي علي) .
قال الرازيّ: واختلفوا في أنهما من أي الأقوام؟ فقيل: إنهما من الترك. وقيل:
يأجوج من الترك ومأجوج من الجيل والديلم. ثم من الناس من وصفهم بقصر القامة وصغر الجثة، انتهى.
وقال بعض المحققين: كان يوجد من وراء جبل من جبال القوقاز، المعروف عند العرب ب (جبل قاف) ، في إقليم داغستان، قبيلتان. تسمى إحداهما (آقوق) ، والثانية (ماقوق) فعربهما العرب ب (يأجوج ومأجوج) وهما معروفان عند كثير من الأمم وورد ذكرهما في كتب أهل الكتاب. ومنهما تناسل كثير من أمم الشمال والشرق في روسيا وآسيا.
التنبيه التاسع- توسع من لم يشترط الصحة ولا الحسن في مصنفاته من الرواة، في تخريج ما روي عن يأجوج ومأجوج. وكله إما من الإسرائيليات أو المنكرات أو الموضوعات. ومن ذلك
حديث (إن يأجوج أمة ومأجوج أمة. كل أمة أربعمائة ألف أمة. لا يموت الرجل منهم حتى ينظر إلى ألف ذكر بين يديه من صلبه. كل قد حمل السلاح إلخ) رواه ابن عديّ في (الضعفاء) عن حذيفة مرفوعا.
وقال: موضوع منكر، ومحمد بن إسحاق العكاشيّ كذاب يضع، وقد أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه.
وقال الحافظ ابن جرير هاهنا، عن وهب بن منبه، أثرا طويلا عجيبا، في سير ذي القرنين وبنائه السد وكيفية ما جرى له. وفيه طول وغرابة ونكارة في أشكالهم وصفاتهم وطولهم وقصر بعضهم وآذانهم.