للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا يعني صالحا عليه السلام ومن معه وَكانُوا يَتَّقُونَ وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ أي قبحها ومضادّتها لحكمه تعالى وحكمته أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ أي متجاوزين النساء اللاتي هن محالّ الشهوة بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ أي تفعلون فعل الجاهلين سفها وعمى عن العاقبة فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ أي يتنزهون عن أفعالنا ويرونها رجسا. قالوه استهزاء فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ أي الباقين في العذاب وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً أي هائلا غير معهود فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ قال الزمخشريّ: أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يتلو هذه الآيات الناطقة بالبراهين على وحدانيته وقدرته على كل شيء وحكمته. وأن يستفتح بتحميده، والسلام على أنبيائه والمصطفين من عباده. وفيه تعليم حسن، وتوقيف على أدب جميل، وبعث على التيمن بالذكرين، والتبرك بهما، والاستظهار بمكانهما، على قبول ما يلقى إلى السامعين، وإصغائهم إليه وإنزاله من قلوبهم المنزلة التي يبغيها المسمع. ولقد توارث العلماء والخطباء والوعاظ كابرا عن كابر هذا الأدب. فحمدوا الله عزّ وجلّ، وصلّوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمام كل علم مفاد، وقبل كل عظة وتذكرة، وفي مفتتح كل خطبة. وتبعهم المترسلون. فأجروا عليه أوائل كتبهم في الفتوح والتهاني وغير ذلك من الحوادث التي لها شأن. وقيل: هو متصل بما قبله، وأمر بالتحميد على الهالكين من كفار الأمم. والصلاة على الأنبياء عليهم السلام وأشياعهم الناجين.

ثم قال: معلوم أن لا خير فيما أشركوه أصلا حتى يوازن بينه وبين من هو خالق كل خير ومالكه. وإنما هو إلزام لهم وتبكيت وتهكم بحالهم. وذلك أنه آثروا عبادة الأصنام على عبادة الله. ولا يؤثر عاقل شيئا على شيء، إلا لداع يدعوه إلى إيثاره، من زيادة خير ومنفعة. فقيل لهم، مع العلم بأنه لا خير فيما آثروه، وأنهم لم يؤثروه لزيادة الخير، ولكن هوى وعبثا، لينبّهوا على الخطأ المفرط، والجهل المورّط. وإضلالهم التمييز ونبذهم المعقول. وليعلموا أن الإيثار يجب أن يكون للخير الزائد. ونحوه ما حكاه عن فرعون أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ [الزخرف: ٥٢] ، مع علمه أنه ليس لموسى مثل أنهاره التي كانت تجري تحته.

<<  <  ج: ص:  >  >>