وتعليله لذلك بحديث عائشة رضي الله عنها دالّ على أن ذلك ذكر لله تعالى.
ولا يجوز الحمل على العموم، لا سيما إذا لوحظ قول القاضي الحسين: أنه يجوز الاستنجاء بها، لأنه مبنيّ على الوجه القائل بأن الكل مبدل. وهو ضعيف أو محمول على المبدل منهما. لأنه لا يخفى على أحد أن مسلما، فضلا عن عالم، لا يقول أنه يستنجي بنحو قوله في العشر الكلمات التي صدرت بها الألواح: قال الله جميع هذه الآيات كلها. أنا الرب إلهك الذي أصعدتك من أرض مصر من العبودية والرق لا يكونن لك آلهة غيري. لا تعملنّ شيئا من الأصنام والتماثيل التي مما في السماء فوق، وفي الأرض من تحت، ومما في الماء أسفل الأرض. لا تسجدن لها ولا تعبدنّها. لأني أنا الرب إلهك إله غيور. لا تقسم بالرب إلهك كذبا. لأن الرب لا يزكي من حلف باسمه كذبا. أكرم أباك وأمك ليطول عمرك في الأرض التي يعطيكها الرب إلهك. لا تقتل، لا تزن، لا تسرق، لا تشهد على صاحبك شهادة زور.
وقد أشبع الكلام في المسألة شيخنا حافظ عصره أبو الفضل ابن حجر في آخر شرحه للبخاريّ. وآخر ما حط عليه، التفرقة بين من رسخ قدمه في العلوم الشرعية، فيجوز له النظر في ذلك، فإنه يستخرج منه ما ينتفع به المهتدون. وبين غيره فلا يجوز له ذلك. وأيده بنظر الأئمة فيها قديما وحديثا، والرد على أهل الكتابين بما يستخرجونه منها. فلولا جواز ذلك ما أقدموا عليه. والله الموفق.
وقد حررت هذه المسألة في فن المرفوع من حاشيتي على شرح ألفية الشيخ زين الدين العرافيّ. فراجعه إن شئت. والله الهادي.
ثم صنفت في ذلك تصنيفا حسنا سميته، الأقوال القويمة في حكم النقل من الكتب القديمة، كلام البقاعيّ الدمشقيّ رحمه الله تعالى.
وأما مسألة تحريف الكتابين، أعني التوراة والإنجيل، فقد نقل البخاريّ في أواخر صحيحه في باب قول الله تعالى: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ عن ابن عباس: يحرفون يزيلون، وليس أحد يزيل لفظ كتاب من كتب الله عز وجل، ولكن يحرفونه يتأولونه عن غير تأويله.
قال أبو الفضل ابن حجر في شرحه: قال شيخنا ابن الملقن في شرحه: هذا الذي قاله أحد القولين في تفسير هذه الآية، وهو مختاره. أي البخاريّ.