للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ذلك شيئا. وتلاحق به الناس، وحاصرهم خمسا وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار، وقذف الله في قلوبهم الرعب. ثم نزلوا على حكم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فتواثبت الأوس فقالوا: يا رسول الله! صلّى الله عليك وسلّم. إنهم كانوا موالينا دون الخزرج، وقد فعلت في موالي إخواننا بالأمس ما قد علمت.

وقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قبل بني قريظة، قد حاصر بني قينقاع وهم شعب من اليهود كانوا بالمدينة، وكانوا حلفاء الخزرج، فنزلوا على حكمه، فسأله إياهم عبد الله بن أبيّ ابن سلول فوهبهم له.

فلما كلمته الأوس قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ألا ترضون، يا معشر الأوس! أن يحكم فيهم رجل منكم؟ قالوا: بلى. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فذاك إلى سعد بن معاذ.

وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد جعل سعد بن معاذ في خيمة لامرأة من أسلم، يقال لها رفيدة في مسجده، كانت تداوي الجرحى وتحتسب بنفسها على خدمة من كانت به ضيعة من المسلمين. وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد قال لقومه حين أصابه السهم بالخندق: اجعلوه في خيمة رفيدة حتى أعوده من قريب. فلما حكّمه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في بني قريظة، أتاه قومه فحملوه على حمار.

وكان رجلا جسيما جميلا. ثم أقبلوا معه إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فلما انتهى إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والمسلمين، قال صلّى الله عليه وسلّم: قوموا إلى سيدكم فقاموا إليه فأنزلوه.

قال ابن كثير: إعظاما وإكراما، واحتراما له، في محل ولايته، ليكون أنفذ لحكمه فيهم.

فلما جلس، قال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إن هؤلاء قد نزلوا على حكمك. فاحكم فيهم بما شئت. وصارت تعرّض له الأوس أن يحسن إليهم، وتقول: يا أبا عمرو! إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد ولاك أمر مواليك لتحكم فيهم.

فقال رضي الله عنه: عليكم عهد الله وميثاقه، أنّ الحكم فيهم لما حكمت.

قالوا: نعم. قال: وعلى من ها هنا (في الناحية التي فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وهو معرض عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إجلالا له) فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: نعم. قال سعد: فإني أحكم فيهم أن تقتل الرجال، وتقسم الأموال، وتسبى الذراريّ والنساء. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لسعد: لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة. وفي رواية: لقد حكمت بحكم الملك (أي لأن هذا جزاء الخائن الغادر) وكان سعد أصيب يوم الخندق.

رماه رجل من قريش يقال له ابن العرقة. رماه في الأكحل.

<<  <  ج: ص:  >  >>