أولي العزم نوح والخليل الممجّد ... وموسى وعيسى والنبيّ محمد
والرابع- أنهم ستة، بزيادة هارون أو داود. والخامس- أنهم سبعة بزيادة آدم.
والسادس- أنهم تسعة، بزيادة إسحاق ويعقوب ويوسف. وقد يزاد وينقص.
وتوجيه التخصيص أن المراد بهم من له جد وجهد تام في دعوته إلى الحق، وذبه عن حريم التوحيد، وحمى الشريعة، بحيث يصبر على ما لا يطيقه سواه من عوارضه النفسية والبدنية، وأموره الخارجية، كمبارزة كل أهل عصره، كما كان لنوح. أو لملك جبار في عصره، وانتصاره عليه من غير عدة دنيوية، كنمروذ إبراهيم، وجالوت داود، وفرعون موسى. ولكل موسى فرعون، ولكل محمد أبو جهل.
وكالابتلاء بأمور لا يصبر عليها البشر بدون قوة قدسية، ونفس ربانية، كما وقع لأيوب عليه الصلاة والسلام. ومن هنا كشف برقع الخفاء عن وجه التخصيص، وهذا مما كشفت بركاتهم سره- أفاده الشهاب- وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ أي ولا تستعجل بمساءلتك ربك العذاب لهم، فإن ذلك نازل بهم لا محالة، وإن اشتد عليك الأمر من جهتهم. كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ أي من عذاب الله ونكاله وخزيه الذي ينزل بهم في الدنيا أو في الآخرة لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ أي لأنه ينسيهم شدة ما ينزل بهم من عذابه، قدر ما كانوا في الدنيا لبثوا، ومبلغ ما فيها مكثوا.
وقوله تعالى بَلاغٌ قال ابن جرير: فيه وجهان:
أحدهما- أن يكون معناه: لم يلبثوا إلا ساعة من نهار، ذلك لبث بلاغ، بمعنى: ذلك بلاغ لهم في الدنيا إلى أجلهم، ثم حذف (ذلك لبث) ، وهي مرادة في الكلام اكتفاء بدلالة ما ذكر من الكلام عليها.
والآخر- أن يكون معناه: هذا القرآن والتذكير بلاغ لهم وكفاية، إن فكروا واعتبروا، فتذكروا. انتهى.
وأشار المهايميّ إلى معنى آخر فقال: ليس من حق الرسل الاستعجال، بل حقهم بلاغ.
فَهَلْ يُهْلَكُ أي بعذاب الله إذا أنزله بمقتضى العدل والحكمة إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ أي الذين خالفوا مره، وخرجوا من طاعته. نعوذ بالله من غضبه، وأليم عقابه.