للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: اكتب: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، فقال سهيل: فو الله! لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله.

فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: إني رسول الله وإن كذبتموني! اكتب: محمد بن عبد الله. فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به فقال سهيل: والله! لا تتحدث العرب أننا أخذنا ضغطة، ولكن لك من العام المقبل، فكتب فقال سهيل: على أن لا يأتيك منا رجل، وإن كان على دينك، إلا رددته إلينا. فقال المسلمون سبحان الله! كيف يرد إلى المشركين، وقد جاء مسلما؟! فبينا هم كذلك إذ جاء أبو جندل ابن سهيل يرسف في قيوده، قد خرج من أسفل مكة، حتى رمى بنفسه بين ظهور المسلمين. فقال سهيل: هذا يا محمد أول من قاضيتك عليه أن ترده، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: إنا لم نقض الكتاب بعد، فقال: فو الله! إذن لا أصالحك على شيء أبدا. فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: فأجره لي قال: ما أنا بمجيره لك، قال: بلى، فافعل. قال ما أنا بفاعل. قال مكرز: قد أجزناه لك. فقال أبو جندل: يا معشر المسلمين! أرد إلى المشركين وقد جئت مسلما، ألا ترون ما لقيت- وكان قد عذب عذابا شديدا في الله- قال عمر ابن الخطاب: والله! ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ، فأتيت النبي صلّى الله عليه وسلّم فقلت: يا رسول الله! ألست نبيّ الله؟ قال: بلى! قلت: ألسنا على الحق، وعدوّنا على الباطل؟

قال: بلى! فقلت: على م نعطي الدنية في ديننا، ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبين أعدائنا؟ فقال: إني رسول الله، وهو ناصري، ولست أعصيه. قلت: أو لست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى! أفأخبرتك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا! قال: فإنك آتيه، وتطوف به! قال فأتيت أبا بكر، فقلت له كما قلت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وردّ عليه أبو بكر كما ردّ عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سواء، وزاد: فاستمسك بغرزه حتى تموت فو الله! إنه لعلى الحق. قال عمر: فعملت لذلك أعمالا. فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: قوموا وانحروا ثم احلقوا. فو الله! ما قام منهم رجل حتى قال ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد قام فدخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا رسول الله! أتحب ذلك؟ اخرج ثم لا تكلم أحدا كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلق لك. فقام فخرج فلم يكلم أحدا منهم، حتى فعل ذلك: نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه. فلما رأى الناس ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غمّا. ثم جاءت نسوة مؤمنات.، فأنزل الله عزّ وجلّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ [الممتحنة: ١٠] ، حتى بلغ بِعِصَمِ الْكَوافِرِ فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك. فتزوج إحداهما معاوية، والأخرى صفوان بن أمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>