هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ أي في العمل إِلَّا الْإِحْسانُ أي في الثواب، وهو الجنة فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وَمِنْ دُونِهِما أي دون تينك الجنتين المنوّه بهما جَنَّتانِ أي بستانان آخران. إشارة إلى وفرة الجنان واتصالها وسعة امتداد الطرف في مناظرها فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مُدْهامَّتانِ أي خضراوان من الري، تضربان إلى السواد من شدة الخضرة. أو من كثرة أشجارها الممتدة لا إلى نهاية فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ أي فوّارتان بالماء فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ وإنما أفردهما بالذكر بيانا لفضلهما، كأنهما، لما لهما من المزية، جنسان آخران فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فِيهِنَّ خَيْراتٌ جمع (خيّرة) بالتشديد، إلا أنه خفف. وقد قرئ على الأصل. أي فاضلات الأخلاق. وإيثار ضمير المؤنث على التثنية مراعاة للفظ المسند إليه بعده حِسانٌ أي حسان الوجوه فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ الحور: جمع (حوراء) وهي البيضاء النقية. ومعنى مَقْصُوراتٌ قصرن أنفسهنّ على منازلهنّ، لا يهمهنّ إلا زينتهنّ ولهوهنّ. وفيه المعاني المتقدمة أيضا. والْخِيامِ قال ابن جرير: يعني بها البيوت. وقد يسمّي العرب هوادج النساء خياما، ثم أنشد له. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ يعني بهنّ حور الجنتين اللتين من دون الأوليين. أو تكرير لما سبق، للتنويه بهذا الوصف، وكونه في مقدمة المشتهيات، وطليعة الملذات: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ أي سرر أو مساند أو وسائد خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ أي طنافس وبسط حِسانٌ أي جياد. والصفة كاشفة، ولذا قال ابن جبير:(العبقري) عتاق الزرابي، أي جيادها. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ أي من إكرامه أهل طاعته منكما هذا الإكرام. تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ أي ذي العظمة والكبرياء، والتفضل بالآلاء و (الاسم) هنا كناية عن الذات العليّة، لأنه كثر اقتران الفعل المذكور معها، كآية تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً [الفرقان: ٦١] ، وآية تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ [الملك: ١] ، ونحوهما. وسر إيثار الاسم التنبيه على أنه لا يعرف منه تعالى إلا أسماؤه الحسنى، لاستحالة اكتناه الذات المقدسة. فما عرف الله إلا الله. هذا هو التحقيق.
وقيل: لفظ (اسم) مقحم، كقوله:
إلى الحول، ثم اسم السلام عليكما
وذهب ابن حزم إلى بقاء الاسم على حقيقته. وردّ من استدلّ بأن الاسم هو المسمى بما مثاله: