للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا أي يرجعون إلى لفظ الظهار ثانية، فالقول على حقيقته، أو يعزمون على غشيانهن ووطئهن رغبة في تحليلهن، بعد تحريمهن، فالقول بمعنى المقول فيه فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ

روى الإمام أحمد «١» عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن خويلة بنت ثعلبة قالت: فيّ والله! وفي أوس بن صامت أنزل الله صدر سورة المجادلة قالت:

كنت عنده، وكان شيخا كبيرا، قد ساء خلقه وضجر. فدخل عليّ يوما فراجعته بشيء، فغضب فقال: أنت عليّ كظهر أمي، قالت: ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة ثم دخل عليّ، فإذا هو يريدني على نفسي، قالت: قلت: والذي نفس خويلة بيده! لا تخلص إليّ وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكم. قالت:

فواثبني، فامتنعت منه، فغلبته بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف، فألقيته عني.

قال: ثم خرجت إلى بعض جاراتي. فاستعرت منها ثيابها ثم خرجت حتى جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت منه، وجعلت أشكو إليه ما ألقي من سوء خلقه. قالت: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا خويلة! ابن عمك شيخ كبير، فاتقي الله فيه. قالت: فو الله! ما برحت حتى نزل في القرآن، فتغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يتغشاه، ثم سرّي عنه، فقال لي: يا خويلة! قد أنزل الله فيك وفي صاحبك.. ثم قرأ علي: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ ... إلى قوله تعالى: وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ ... قالت: فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:

مريه فليعتق رقبة. قالت: فقلت: يا رسول الله! ما عنده ما يعتق! قال: فليصم شهرين متتابعين. قال: فقلت: والله! إنه لشيخ كبير، ما به من صيام. قال: فليطعم ستين مسكينا وسقا من تمر. قالت: فقلت: والله! يا رسول الله ما ذاك عنده. قالت:

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإنا سنعينه بفرق من تمر. قالت: فقلت: يا رسول الله! وأنا سأعينه بفرق آخر. قال: قد أصبت وأحسنت، فاذهبي فتصدقي به عنه، ثم استوصي بابن عمك خيرا. قالت: ففعلت. ورواه أبو داود:

وعنده (خولة بنت ثعلبة) ، ولا منافاة كما تقدم، فإن العرب كثيرا ما تصغّر الأعلام.

وروى ابن جرير عن ابن عباس قال: كان الرجل إذا قال لامرأته في الجاهلية:

أنت عليّ كظهر أمي، حرمت في الإسلام. فكان أول من ظاهر في الإسلام أوس،


(١) أخرجه في مسنده ٦/ ٤١٠. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>