للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ، وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة: ١٥٥] ، لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً [آل عمران: ١٨٦] .

كالّذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم وتغربوا عن أوطانهم. وكثر عناهم. واشتدّ بلاهم، وتكاثر أعداهم. فغلبوا في بعض المواطن، وقتل منهم بأحد «١» وبئر معونة «٢» من قتل. وشجّ وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وكسرت رباعيته. وهشمت البيضة على رأسه.

وقتل أعزاؤه ومثّل بهم. فشمتت أعداؤه واغتم أولياؤه. وابتلوا يوم الخندق «٣» . وزلزلوا زلزالا شديدا. وزاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر. وكانوا في خوف دائم وعرى لازم. وفقر مدقع. حتى شدوا الحجارة على بطونهم من الجوع. ولم يشبع سيد الأولين والآخرين من خبز برّ في يوم مرتين. وأوذي بأنواع الأذية حتى قذفوا أحب «٤» أهله إليه. ثم ابتلي في آخر الأمر بمسيلمة «٥» وطليحة والعنسي «٦» . ولقي هو وأصحابه في جيش العسرة «٧» ما لقوه. ومات ودرعه «٨» عند يهوديّ على آصع من شعير. ولم تزل الأنبياء والصالحون يتعهدون بالبلاء الوقت بالوقت (يبتلى الرجل «٩» على قدر دينه فإن كان صلبا في دينه شدد في بلائه. ولقد كان أحدهم يوضع «١٠» المنشار على مفرقه فلا يصده ذلك عن دينه) .

وقال عليه الصلاة والسلام. «مثل


(١) أخرجه البخاريّ في المغازي، ١٧- باب غزوة أحد، إلى ٢٦- باب من قتل من المسلمين يوم أحد.
(٢) أخرجه البخاريّ في المغازي، ٢٨- باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة ... إلخ.
(٣) أخرجه البخاريّ في المغازي، ٢٩- باب غزوة الخندق، وهي الأحزاب.
(٤) أخرجه البخاريّ في المغازي، ٣٤- باب حديث الإفك.
(٥) أخرجه البخاريّ في المغازي، ٧٠- باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال، وفيه قدوم مسيلمة الكذاب، و ٧١- باب قصة الأسود العنسي.
(٦) أخرجه البخاريّ في المغازي، ٧١- باب قصة الأسود العنسي.
(٧) أخرجه البخاريّ في المغازي، ٧١- باب غزوة تبوك وهي غزوة العسرة.
(٨) أخرجه البخاريّ في: الجهاد، ٨٩- باب ما قيل في درع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: عن عائشة رضي الله عنها قالت: توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ودرعه مرهونة عند يهوديّ بثلاثين صاعا من شعير.
(٩)
أخرجه الترمذيّ في: الزهد، ٥٧- باب ما جاء في الصبر على البلاء. عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: قلت يا رسول الله! أي الناس أشد بلاء؟ قال: الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل. فيبتلى الرجل على حسب دينه. فإن كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه. وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه.
فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض، ما عليه من خطيئة
. [.....] (١٠) أخرجه مسلم في قصة أصحاب الأخدود والساحر والراهب والغلام، في الزهد، حديث رقم ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>