المدينة، ونزلت السورة التي ذكر الله فيها المنافقين، في ابن أبيّ، ومن كان على مثل أمره، فلما نزلت أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذن زيد بن أرقم، ثم قال: هذا الذي أوفى لله بأذنه.
وكانت غزاة بني المصطلق هذه، في شعبان سنة خمس، كما في (زاد المعاد) .
وزعم قوم أن هذه المقالة كانت في غزوة تبوك. قال الحافظ ابن حجر: وقع في رواية محمد بن كعب عن زيد بن أرقم عند (النسائي) أنها غزوة تبوك، ويؤيده قوله في رواية زهير: في سفر أصاب الناس فيه شدة. وأخرج عبد بن حميد بإسناد صحيح عن سعيد بن جبير مرسلا، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل منزلا لم يرتحل منه حتى يصلي فيه: فلما كان غزوة تبوك، نزل منزلا، فقال عبد الله بن أبي: فذكر القصة.
والذي عليه أهل المغازي أنها غزوة المصطلق. ويؤيده قول جابر، بعد قوله صلى الله عليه وسلم لعمر:(دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه) .
وكان الأنصار أكثر من المهاجرين حين قدموا المدينة، ثم إن المهاجرين كثروا بعد. فهذا مما يوضح وهم من قال: إنها كانت بتبوك، لأن المهاجرين حينئذ كانوا كثيرا جدا. وقد انضافت إليهم مسلمة الفتح في غزوة تبوك، فكانوا حينئذ أكثر من الأنصار انتهى.
وسبقه ابن كثير حيث قال: وقوله- أي ابن جبير- إن ذلك كان في غزوة تبوك، فيه نظر، بل ليس بجيد، فإن عبد الله بن أبي ابن سلول لم يكن ممن خرج في غزوة تبوك، بل رجع بطائفة من الجيش. وإنما المشهور عند أصحاب المغازي والسير، أن ذلك كان في غزوة المريسيع، وهي غزوة بني المصطلق. انتهى.
التنبيه الثاني- قال الزمخشري: معنى قوله تعالى: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ إلخ أي:
الغلبة والقوة ولمن أعزه وأيده من رسوله ومن المؤمنين، وهم الأخصاء بذلك. كما أن المذلة والهوان للشيطان وذويه من الكافرين والمنافقين.
وعن بعض الصالحات- وكانت في هيئة رثة- ألست على الإسلام، وهو العز الذي لا ذل معه، والغنى الذي لا فقر معه؟
وعن الحسن بن عليّ رضي الله عنهما أن رجلا قال له إن الناس يزعمون أن فيك تيها؟ قال: ليس بتيه، ولكنه عزة وتلا هذه الآية.