للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهما في الإسلام. من أجل أن الله تعالى أمر بالطواف بالبيت ولم يذكر الصفا، حتى ذكر ذلك بعد ما ذكر الطواف بالبيت.

وفي رواية معمر عن الزهريّ: إنا كنّا لا نطوف بين الصفا والمروة تعظيما لمناة، أخرجه البخاريّ تعليقا، ووصله أحمد وغيره.

وأخرج مسلم «١» في رواية يونس عن الزهري عن عروة بن الزبير أن عائشة أخبرته أن الأنصار كانوا قبل أن يسلموا، هم وغسّان، يهلّون لمناة. فتحرّجوا أن يطوفوا بين الصفا والمروة، وكان ذلك سنّة في آبائهم: من أحرم لمناة لم يطف بين الصفا والمروة. وإنهم سألوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك حين أسلموا. فأنزل الله عز وجل في ذلك: إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ.

وروي الفاكهيّ عن الزهريّ: أن عمرو بن لحيّ نصب مناة على ساحل البحر مما يلي قديد. فكانت الأزد وغسان يحجونها ويعظمونها، إذا طافوا بالبيت وأفاضوا من عرفات وفرغوا من منى أتوا مناة فأهلّوا لها. فمن أهلّ لها لم يطف بين الصفا والمروة.

قال: وكانت مناة للأوس والخزرج والأزد من غسان ومن دان دينهم من أهل يثرب.

وروى النسائيّ بإسناد قويّ عن زيد بن حارثة «٢» قال: كان على الصفا والمروة صنمان من نحاس يقال لهما «إساف ونائلة» كان المشركون إذا طافوا تمسّحوا بهما ... الحديث.

وروى الطبراني وابن أبي حاتم في التفسير بإسناد حسن من حديث ابن عباس قال: قالت الأنصار: إن السعي بين الصفا والمروة من أمر الجاهلية. فأنزل الله عزّ وجلّ إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ ... الآية.

وروى الفاكهيّ وإسماعيل القاضي في «الأحكام» بإسناد صحيح عن الشعبيّ قال: كان صنم بالصفا يدعى «إساف» ، ووثن بالمروة يدعى «نائلة» ، فكان أهل الجاهلية يسعون بينهما. فلما جاء الإسلام رمى بهما وقالوا: إنما كان ذلك يصنعه أهل الجاهلية من أجل أوثانهم، فأمسكوا عن السعي بينهما، قال: فأنزل الله تعالى:

إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ ... الآية.

وقد استفيد من مجموع هذه الروايات أنه تحرّج طوائف من السعي بين الصفا


(١) أخرجه مسلم بنصه في: الحج، حديث ٢٦٣.
(٢) أخرجه ابن ماجة في الطهارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>