ما قال فيها الكاذبون، إن كانت قبلها. كما في ذكر التمثيل بامرأة نوح ولوط تحذير لها ولحفصة مما اعتمدتاه في حق النبيّ صلى الله عليه وسلم. فتضمنت هذه الأمثال التحذير لهن، والتخويف والتحريض لهن على الطاعة والتوحيد والتسلية وتوطين النفس لمن أوذي منهن وكذب عليه. وأسرار التنزيل فوق هذا وأجل منه، ولا سيما أسرار الأمثال التي لا يعقلها إلا العالمون. انتهى.
الثالث- قال القاشانيّ: بيّن تعالى أن الوصل الطبيعية، والاتصالات الصورية غير معتبرة في الأمور الأخروية. بل المحبة الحقيقية، والاتصالات الروحانية، هي المؤثرة فحسب. والصورية التي بحسب اللحمة الطبيعية والخلطة والمعاشرة لا يبقى لها أثر فيما بعد الموت، ولا تكون إلا في الدنيا، بالتمثيلين المذكورين. وإن المعتبر في استحقاق الكرامة عند الله هو العمل الصالح، والاعتقاد الحق، كإحصان مريم، وتصديقها بكلمات ربها، وطاعتها المعدة إياها لقبول نفخ روح الله فيها. وقد يلوح بينهما أن النفس الخائنة التي لا تفي بالطاعة، ولا تحفظ الأسرار، وتبيح المخالفة، داخلة في نار الحرمان، وجحيم الهجران مع المحجوبين، ولا تغني هداية الروح عنها شيئا من الإغناء في باب العذاب. وأن القلب المقهور تحت استيلاء النفس الأمارة الفرعونية، الطالب للخلاص بالالتجاء إلى الحق الذي قويت فيه قوة محبة الله لصفائه، وضعفت قوة قهره للنفس والشيطان لعجزه وضعفه، لا يبقى في العذاب مخلدا ويخلص إلى النجاة، ويبقى في النعيم سرمدا، وإن تعذب بمجاورتها حينا، وتألم بأفعالها برهة. وأن النفس المتزينة بفضيلة العفة المشار إليها بإحصان الفرج، هي القابلة لفيض روح القدس المتنورة بنور الروح المصدقة بكلمات الرب، من العقائد الحكمية، والشرائع الإلهية، المطيعة لله مطلقا، علما وعملا، سرّا وجهرا.
انتهى ملخصا.
الرابع- في (الإكليل) : استدل بقوله تعالى امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ على صحة أنكحة الكفار. أقول: ويستدل بقوله تعالى امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ إلى قوله:
فَخانَتاهُما على جواز استدامة الرجل الصالح نكاح امرأته الفاسقة العاصية، وعلى أن استبقاءها بدون مفارقة لا يعد من قلة التورع. وهو جليّ. ويستدل بذلك أيضا على أن نكاح المشركات كان جائزا في شرع من قبلنا، وقد حظره الإسلام أشد الحظر، كما مرّ في آيات عديدة.
الخامس: قال ابن كثير في قوله تعالى عن حكاية امرأة فرعون رَبِّ ابْنِ لِي