للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الآية من جملة المعجزات. من حيث إنه خبر وجد مخبره بعد حين مطابقا له.

والإخبار عن الغيب معجزة. انتهى.

قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) : ولأبي يعلى، من حديث ابن عمر: نزلت هذه السورة في أوسط أيام التشريق، في حجة الوداع. فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه الوداع.

ثم قال: وسئلت عن قول الكشاف: إن سورة النصر نزلت في حجة الوداع أيام التشريق، فكيف صدرت ب (إذا) الدالة على الاستقبال؟ فأجبت بضعف ما نقله.

وعلى تقدير صحته، فالشرط لم يتكمل بالفتح. لأن مجيء الناس أفواجا لم يكن كمل، فبقية الشرط مستقبل.

وقد أورد الطيبي السؤال، وأجاب بجوابين:

أحدهما- أن (إذا) قد ترد بمعنى (إذ) كما في قوله تعالى: وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً.. [الجمعة: ١١] الآية.

ثانيهما- أن كلام الله قديم. وفي كل من الجوابين نظر لا يخفى. انتهى. كلامه.

الثالث- قال الشهاب: المراد ب (الناس) العرب. ف (أل) عهدية. أو المراد الاستغراق العرفيّ. والمراد عبدة الأصنام منهم. لأن نصارى تغلب لم يسلموا في حياته صلى الله عليه وسلم وأعطوا الجزية.

الرابع-

روى البخاري «١» عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما صلى النبيّ صلى الله عليه وسلم بعد أن نزلت عليه: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ إلا- يقول فيها: سبحانك ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي.

وفيه عنها أيضا «٢» : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده:

سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، يتأول القرآن.

قال الحافظ ابن حجر: معنى (يتأول القرآن) يجعل ما أمر به من التسبيح والتحميد والاستغفار، في أشرف الأوقات والأحوال.

وقال ابن القيّم في (الهدى) كأنه أخذه من قوله تعالى: وَاسْتَغْفِرْهُ لأنه كان يجعل الاستغفار في خواتم الأمور. فيقول إذا سلم من الصلاة: أستغفر الله ثلاثا. وإذا خرج من الخلاء قال: غفرانك. وورد الأمر بالاستغفار عند انقضاء المناسك: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ... [البقرة: ١٩٩] الآية.


(١) أخرجه في: التفسير، سورة النصر، ١- حدثنا الحسن بن الربيع، حديث رقم ٤٨١.
(٢) أخرجه في: التفسير، سورة النصر، ٢- حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حديث رقم ٤٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>