حَمَّالَةَ بالنصب على الشتم والذم، وبالرفع نعتا أو بدلا أو عطف بيان. إنما قيل لها ذلك لأنها كانت تحطب الكلام وتمشي بالنميمة. كما قاله مجاهد وعكرمة وقتادة.
قال الزمخشري: ويقال للمشّاء بالنمائم المفسد بين الناس، يحمل الحطب بينهم، أي يوقد بينهم ويورث الشر، قال:
البيض لم تصطد على ظهر لأمة ... ولم تمش بين الحيّ بالحطب الرّطب
يمدحها بأنها من البيض الوجوه وأنها بريئة من أن تصطاد على سوء ولؤم فيها.
ومن أن تمشي بالسعاية والنميمة بين الناس. وإنما جعل رطبا ليدل على التدخين الذي هو زيادة الشر. ويقال: فلان يحطب على فلان، إذا أغرى به.
قال الشهاب: وهي استعارة مشهورة لطيفة، كاستعارة حطب جهنم للأوزار.
قال ابن كثير: وكانت زوجته من سادات نساء قريش، وهي أم جميل، واسمها (أروى) بنت حرب بن أمية. وهي أخت أبي سفيان وعمة معاوية. وكانت عونا لزوجها على كفره وجحوده وعناده فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ قال الإمام رحمه الله:
أي في عنقها حبل من الليف. أي أنها في تكليف نفسها المشقة الفادحة، للإفساد بين الناس وتأريث نيران العداوة بينهم، بمنزلة حامل الحطب الذي في عنقه حبل خشن، يشدّ به ما حمله إلى عنقه، حتى يستقل به. وهذه أشنع صورة تظهر بها امرأة تحمل الحطب، وفي عنقها حبل من الليف، تشد به الحطب إلى كاهلها، حتى تكاد تختنق به.
وقال أيضا: قد أنزل الله في أبي لهب وفي زوجته هذه السورة، ليكون مثلا يعتبر به من يعادي ما أنزل الله على نبيه، مطاوعة لهواه وإيثارا لما ألفه من العقائد والعوائد والأعمال، واغترارا بما عنده من الأموال، وبما له من الصولة أو من المنزلة في قلوب الرجال، وأنه لا تغني عنه أمواله ولا أعماله شيئا. وسيصلى ما يصلى.