فِي الْبَأْساءِ أي: الشدّة، أي عند حلولها بهم وَالضَّرَّاءِ بمعنى البأساء وهي الشدة أيضا، كما فسرهما بها في القاموس. وقال ابن الأثير: الضرّاء: الحالة التي تضرّ وهي نقيض السرّاء، وهما بناءان للمؤنث ولا مذكّر لهما وَحِينَ الْبَأْسِ أي:
وقت مجاهدة العدوّ في مواطن الحرب، وزيادة (الحين) للإشعار بوقوعه أحيانا، وسرعة انقضائه، ومعنى (البأس) في اللغة: الشدّة، يقال: لا بأس عليك في هذا، أي: لا شدّة. وعذاب بئيس شديد. وسميت الحرب بأسا لما فيها من الشدّة.
والعذاب يسمى بأسا لشدته. قال تعالى: فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا [غافر: ٨٤] . فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا [الأنبياء: ١٢] . فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ [غافر: ٢٩] . وقال ابن سيده: البأس الحرب، ثمّ كثر حتى قيل: لا بأس عليك، أي: لا خوف.
وقال الراغب: استوعبت هذه الجملة أنواع الضرّ. لأنّه إمّا يحتاج إلى الصبر في شيء يعوز الإنسان، أو يريده فلا يناله، وهو البأساء. أو فيما نال جسمه من ألم، وهو الضرّاء. أو في مدافعة مؤذيه وهو اليأس.
أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا في إيمانهم، لأنهم حققوا الإيمان القلبيّ بالأقوال والأفعال، فلم تغيرهم الأحوال، ولم تزلزلهم الأهوال. وفيه إشعار بأنّ من لم يفعل أفعالهم لم يصدق في دعواه الإيمان..! وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ عن الكفر وسائر الرذائل. وتكرير الإشارة لزيادة تنويه بشأنهم. وتوسيط الضمير للإشارة إلى انحصار التقوى فيهم.
قال الواحديّ: هذه الواوات في الأوصاف في هذه الآية للجمع. فمن شرائط البرّ، وتمام شرط البارّ، أن تجتمع فيه هذه الأوصاف. ومن قام به واحد منها لم يستحق الوصف بالبر.