الآيات وللدعاء المجاب شرائط وهي: أن يدعو بأحسن الأسماء، كما قال تعالى وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها [الأعراف: ١٨٠] ، ويخلص النيّة، ويظهر الافتقار، ولا يدعو بإثم، ولا بما يستعين به على معاداته. وأن يعلم أنّ نعمته فيما يمنعه من دنياه كنعمته فيما خوّله وأعطاه. ومعلوم أنّ من هذا حاله فمجاب الدعوة..!
وقال ابن القيّم، عليه الرحمة، أيضا في أول كتابه:(الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي) ما نصّه، بعد جمل: وكذلك الدعاء. فإنه من أقوى الأسباب في دفع المكروه وحصول المطلوب. ولكن قد يتخلف عنه أثره. إمّا لضعفه في نفسه بأن يكون دعاء لا يحبه الله لما فيه من العدوان. وإمّا لضعف القلب وعدم إقباله على الله وجمعيته عليه وقت الدعاء. فيكون بمنزلة القوس الرخو جدا. فإن السهم يخرج منه خروجا ضعيفا. وإمّا لحصول المانع من الإجابة من أكل الحرام والظلم ورين الذنوب على القلوب واستيلاء الغفلة والسهو اللهو وغلبتها عليه. كما
في صحيح الحاكم من حديث أبي هريرة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة.
واعلموا أن الله لا يقبل دعاء من قلب غافل لاه!.
فهذا دواء نافع مزيل للداء. ولكن غفلة القلب عن الله تبطل قوته. وكذلك أكل الحرام يبطل قوته ويضعفها. كما
في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «١» : «أيها الناس! إنّ الله طيّب لا يقبل إلّا طيبا. وإنّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [المؤمنون: ٥١] ، وقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ [البقرة: ١٧٢] ، ثم ذكر:
الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمدّ يده إلى السماء: يا ربّ يا ربّ! ومطعمه حرام ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام. فإنّى يستجاب لذلك..!»
وذكر عبد الله بن أحمد في كتاب (الزهد) لأبيه: أصاب بني إسرائيل بلاء، فخرجوا مخرجا، فأوحى الله عزّ وجلّ إلى نبيّهم أن أخبرهم أنكم تخرجون إلى الصعيد بأبدان نجسة وترفعون إليّ أكفّا قد سفكتم بها الدماء وملأتم بها بيوتكم من الحرام. الآن حين اشتد غضبي عليكم ولن تزدادوا مني إلّا بعدا..!.
ثم قال ابن القيم رحمه الله: والدعاء من أنفع الأدوية. وهو عدوّ البلاء، يدافعه، ويعالجه، ويمنع نزوله، ويرفعه أو يخففه إذا نزل. وهو سلاح المؤمن. كما