فللفذّ سهم- أي: فرض واحد- وللتوأم سهمان، وللرقيب ثلاثة، وللحلس أربعة وللنافس خمسة، وللمسبل ستة، وللمعلّى سبعة يجعلونها في الرّبابة (وهي خريطة) ويضعونها على يدي عدل ثم يجلجلها ويدخل يده فيخرج. باسم رجل رجل، قدحا منها. فمن خرج له قدح من ذوات الأنصباء أخذ النصيب الموسوم به ذلك القدح، ومن خرج له قدح مما لا نصيب له لم يأخذ شيئا وغرم ثمن الجزور كله. وكانوا يدفعون تلك الأنصباء إلى الفقراء ولا يأكلون منها، ويفتخرون بذلك ويذمون من لم يدخل فيه ويسمونه البرم (بفتحتين) كذا في (الكشاف) بزيادة.
وفي (القاموس وشرحه) : (الميسر) اللعب بالقداح، أو هو الجزور التي كانوا يتقامرون عليها. كانوا إذا أرادوا أن ييسروا اشتروا جزورا نسيئة ونحروه وقسموه ثمانية وعشرين قسما أو عشرة أقسام فإذا خرج واحد واحد باسم رجل رجل ظهر فوز من خرج لهم ذوات الأنصباء وغرم من خرج له الغفل. وإنما سمي الجزور ميسرا لأنه يجزّأ أجزاء. وكلّ شيء جزأته فقد يسرته ويسرت الناقة جزأت لحمها، ويسر القوم الجزور أي: اجتزروها واقتسموا أجزاءها. قال سحيم بن وثيل اليربوعيّ:
أقول لهم بالشّعب إذ ييسرونني ... ألم تعلموا أنّي ابن فارس زهدم
كان وقع عليه سباء فضرب عليه بالسهام. وقوله (ييسرونني) هو من الميسر، أي: يجزونني ويقتسمونني. وقال لبيد:
واعفف عن الجارات وامنحهنّ ميسرك السمينا! فجعل الجزور نفسه ميسرا. ونقل الصاغاني، أن الميسر النرد. وقال مجاهد:
كلّ شيء فيه قمار فهو من الميسر. حتى لعب الصبيان بالجوز.
قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ أي: عظيم- وقرئ بالمثلثة- وذلك لما فيهما من المساوي المنابذة لمحاسن الشرع. من الكذب والشتم وزوال العقل واستحلال مال الغير وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ دنيوية من اللذة والطرب والتجارة في الخمر. وإصابة المال بلا كدّ في الميسر. وفي تقديم بيان إثمه، ووصفه بالكبر، وتأخير ذكر منافعه مع تخصيصها بالناس، من الدلالة على غلبة الأول- ما لا يخفى على ما نطق به قوله تعالى: وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما أي: المفاسد المترتبة على تعاطيهما أعظم من