للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحمد والنسائيّ وابن ماجة «١» وابن حبان وأبو نعيم بالسند إلى خزيمة بن ثابت: أنّ رجلا سأل النبيّ صلّى الله عليه وسلم عن إتيان النساء في أدبارهنّ فقال: حلال.

فلمّا ولّى الرجل دعاه- أو أمر به فدعي- فقال: كيف قلت؟ في أيّ الخرزتين؟ أمن دبرها في قبلها؟

فنعم! أم من دبرها في دبرها فلا؟ إنّ الله لا يستحيي من الحقّ. لا تأتوا النساء في أدبارهنّ.

قال الحافظ ابن حجر في (التلخيص الحبير) : وفي إسناده عمرو بن أحيحة.

وهو مجهول الحال. واختلف في إسناده اختلافا كثيرا. ثم قال الحافظ: وقد قال الشافعيّ: غلط ابن عيينة في إسناد حديث خزيمة- يعني حيث رواه. وتقدم قول البزار: وكل ما روي فيه عن خزيمة بن ثابت، من طريق فيه، فغير صحيح.

وقال الرازيّ في (تفسيره) : ذهب أكثر العلماء إلى أنّ المراد من الآية: أنّ الرجل مخيّر بين أن يأتيها من قبلها في قبلها، وبين أن يأتيها من دبرها في قبلها.

فقوله: أَنَّى شِئْتُمْ، محمول على ذلك. ونقل نافع عن ابن عمر أنّه كان يقول:

المراد من الآية تجويز إتيان النساء في أدبارهنّ. وهذا قول مالك. واختيار السيد المرتضى من الشيعة. والمرتضى رواه عن جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه.

وبالجملة: فهذا المقام من معارك الرجال، ومجاول الأبطال. وقد استفيد مما أسلفناه: أنّ من جوّز ذلك وقف مع لفظ الآية. فإنه تعالى جعل الحرث اسما للمرأة.

قال بعض المفسرين: إنّ العرب تسمّي النساء حرثا قال الشاعر:

إذا أكل الجراد حروث قوم ... فحرثي همّه أكل الجراد

يريد: امرأتي، وقال آخر:

إنما الأرحام أرض ... ولنا محترثات

فقلبنا الزرع فيها، ... وعلى الله النبات..!

وحينئذ، ففي قوله: فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ، إطلاق في إتيانهنّ على جميع الوجوه. فيدخل فيه محل النزاع. واعتمد أيضا من سبب النزول ما رواه البخاريّ عن ابن عمر كما تقدّم. وقال في رواية جابر المروية في (الصحيح) المتقدّمة: إنّ ورود العام على


(١) أخرجه أحمد في مسنده ٥/ ٢١٣.
وابن ماجة في: النكاح، ٢٩- باب النهي عن إتيان النساء في أدبارهن، حديث ١٩٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>