الحديث المرفوع: إنّ الله تعالى يوحي إلى الملكين: لا تكتبا على عبدي الصائم بعد العصر سيئة.
ومنها ما جاء في قوله تعالى: وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ [العصر: ١] .
قال مقاتل: العصر هي الصلاة الوسطى أقسم بها- حكاه ابن عطية.
ومنها ما
روي في الحديث، أنّ الملائكة تصفّ كل يوم بعد العصر بكتبها في السماء الدنيا فينادى الملك: ألق تلك الصحيفة. فيقول: وعزّتك ما كتبت إلّا ما عمل. فيقول الله عزّ وجلّ: لم يرد به وجهي. وينادى الملك الآخر: اكتب لفلان كذا وكذا، فيقول الملك: وعزّتك إنه لم يعمل ذلك. فيقول الله عزّ وجلّ: إنه نواه.
ومنها أنّ وقتها وقت اشتغال الناس بتجاراتهم ومعايشهم في الغالب.
وقد أفرد الكلام على تفسير هذه الآية بمؤلفات. وذكر العلّامة الفاسي- شارح (القاموس) - فيما نقله عنه الزبيدي، أن الأقوال فيها أنافت على الأربعين. فرضي الله عن العلماء المجتهدين وأرضاهم.
سنح لي وقوي بعد تمعّن- في أواخر رمضان سنة ١٣٢٣- احتمال قوله تعالى: وَالصَّلاةِ الْوُسْطى بعد قوله حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ لأن يكون إرشادا وأمرا بالمحافظة على أداء الصلاة أداء متوسطا. لا طويلا مملّا ولا قصيرا مخلّا. أي: والصلاة المتوسطة بين الطول والقصر. ويؤيده الأحاديث المروية عنه صلّى الله عليه وسلّم في ذلك، قولا وفعلا.
ثمّ مر بي في القاموس- في ٢٣ ربيع الأول سنة ١٣٢٤- حكاية هذا قولا.
حيث ساق في مادة (وس ط) الأقوال في الآية، ومنها قوله (أو المتوسطة بين الطول والقصر) قال شارحه الزبيدي: وهذا القول ردّه أبو حيّان في (البحر) .
ثم سنح لي احتمال وجه آخر: وهو أن يكون قوله وَالصَّلاةِ الْوُسْطى أريد به توصيف الصلاة المأمور بالمحافظة عليها بأنها فضلي، أي: ذات فضل عظيم عند الله. فالوسطى بمعنى الفضلى من قولهم للأفضل: الأوسط. وتوسيط (الواو) بين الصفة والموصوف مما حققه الزمخشريّ واستدلّ له بكثير من الآيات. وفي سوق الصفة بهذا الأسلوب، من الاعتناء بالموصوف ما لا يخفى. وأسلوب القرآن أسلوب خاص انفرد به في باب البلاغة، لم ينفتح من أبواب عجائبه إلّا قطرة من بحر. ولعلّ